التشبيه الضمني وشواهده من القرآن الكريم

 

                                              التشبيه الضمني 

تشبيه ضمني: هو التشبيه الذي لا يُصرَّح فيه بأركان التشبيه، فلا يوضع فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور على الطريقة المعروفة، بل يُفهم التشبيه من معنى الكلام وسياق الحديث، فيُلمحان من التركيب، وهذا الضرب يأتي ليُفيد أن الحكم المسند إلى المشبه ممكنة

ماهو التشبيه الضمني:

وينحو الكاتب أو الشاعر منحى هذا النوع من البلاغة يوحي فيه بالتشبيه من غير أن يُصَرِّح به في صورة من صوره المعروفة، يفعل ذلك نزوعًا إلى الابتكار؛ وإقامة للدليل على الحكم الذي أسنده إلى المشبه، ورغبة في إخفاء التشبيه؛ لأن التشبيه كلما دقَّ وخفي كان أبلغ وأوقع في النفس.

                              امثله على التشبيه الضمنى من الشعر

ومن التشبيه الضمني قول المتنبي:

مَنْ يَهُنْ يَسْهُلُ الْهَوَانُ عليه            ما لجرح ٍ بميت ٍ إيلام

يقول الشاعر في الشطر الأول: من يصبح هينًا فسوف يكون الهوان عليه سهلا، أي أن الذي يتعود الهوان سوف يراه عاديا بعد ذلك ويراه شيئا عاديا على نفسه، ثم يقول في الشطر الثاني: إن الميت إذا جرح فإنه يفقد الإحساس بالألم، فكان الشطر الثاني دليلا وبرهانًا لإثبات ما جاء في الشطر الأول.

فهو لم يقل: إن الشخص الذي اعتاد الهوان والذل وصار لا يشعر بقسوة الإهانة، كالميت الذي لا يتألم حتى وإن أصابته الجراح، ولكننا نرى أنه يشبه ضمنا من هانت عليه نفسه، فهو لا يتأثر، كالميت فاقد الشعور والإحساس، وأتى بجملة ضمنها هذا المعنى في صورة البرهان.

وفي ذلك تلميحٌ بالتشبيه في غير صراحة، وليس على صورة من صور التشبيه المعروفة.

***

                       أمثلة على التشبيه الضمني فى القرآن الكريم


ومنه قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾ [الأعراف: 40].

المشبه: تحريم الجنة على الكفار، المشبه به: امتناع دخول الجمل في ثقب الإبرة، وأداة التشبيه: محذوفة. ووجه الشبه: استحالة الأمر. نوع التشبيه: تشبيه ضمني؛ حيث جاءت فقط الإشارة إلى طرفي التشبيه، دون التصريح بهما. وغرض التشبيه: بيان مقدار حال المشبه.

ففي الآية تشبيه ضمني يتراءى في (حتى يلج الجمل في سم الخياط)، أي لا يدخلون الجنة بحال من الأحوال، إلا إذا أمكن دخول الجمل في ثقب الإبرة، وهذا التشبيه فيه مبالغة في الاستبعاد، وتمثيل للاستحالة، والعرب إذا أرادت تأكيد النفي علَّقته بما يستحيل وقوعه، فيقولون: لا أفعل كذا حتى يشيب الغراب، أو حتى تنفطر السماء، وجاء التشبيه في الآية بهذه الطريقة لإقامة البرهان على الحكم المراد إسناده إلى المشبه، بعدم التصريح بمعالم التشبيه، لأنه كلما خفي ودق كان أبلغ في النفس.

***

سورة البقرة

ومنه قوله تعالى: ﴿أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ [البقرة:266].

تضمنت الآية تشبيهًا ضمنيًّا لِمَنْ لا ينفق أمواله في سبيل الله، أو يتبع إنفاقه بالْمَنِّ والأذى؛ فإن ذلك يجعل المال ممحوقًا محترقا، تمامًا كالثمرات التي أصابها إعصارٌ فيه نارٌ فاحترقت؛ فهو تشبيهٌ ضمني، يدعم القضية بأسلوبٍ واضح.

والمعنى: أيتمنى أحدكم أن يكون له بستان وارف الظلال، فيه من النخيل والثمار والأعناب الشيء الكثير، ينبت فيه من كل زوج بهيج، وتمر من تحتها الأنهار، منتجات أشجاره وكل غلته من هذا البُستان، وتصيبه الشيخوخة فتضعفه عن الكسب وله أولاد صغار لا يقدرون على العمل، ويُصيب ذلك البستان ريحٌ تستدير في الأرض ثم تسطع نحو السماء كالعمود، فهي ريح عاصفة شديدة معها نار حارقة مدمرة، فتحرق الثمار والأشجار، فتكون حسرة هذا الشخص عظيمة ومصيبته جسيمة، فهو في وقت أحوج ما يكون إِليها.

من الذي يرغب في هذا؟ فهذا تشبيه موح ومؤثر لنهاية المن والأذى لشخص لا يملك قوة ولا عونًا، ولا يستطيع لمحق آثار هذه الصدقة ردًّا، نهاية بائسة كل ما فيه مدمر بعد رخاء وأمن.

التشبيه هنا مُساق في صورة وصيغة سؤال: أيود أحدكم أن يكون صاحب هذه الجنة؟ والهمزة فيه للإنكار، وترك المجال لكل إنسان يُفكر في الإجابة عن هذا السؤال، ويُحدِّد موقفه من الأعمال التي يقوم بها في مجال الخير، وأن يُخلص نيته لله. وفي هذا تجد دقة الأسلوب البلاغي حيث الاحتراق كان من داخلها ولم يكن يبق منها شيئا، وفيه تشبيه حال من ينفق وضم إلى إنفاقه ما يُحبطه في الحسرة والأسى حيث إن الأعمال تنطوي في داخلها على ما يمحقها، حيث انقطعت صلتها بالله، وهو في أشد الحاجة إليها يوم الهول العظيم، وقد وجدها هباء منثورا.

والتشبيه يركز على بيان ضياع الأعمال الكثيرة التي قام بها في الدنيا، كل وصف في الجنة يزيدها خصوبة وعطاء، يعود على الخاتمة بمزيد من الشعور بالحسرة والخُسران، فالله يأمركم بالتفكر فيما تضمنه هذه الآية من العبر وتعملوا بموجبها.

وفي هذا تشبيه ضمني متناول للموقف النفسي المرعب الذي يعيشه الكافرون في ذلك اليوم، وهو في أمس الحاجة إلى أعمالهم التي بذلوها في الدنيا، فالمشبه من يعمل الأعمال الحسنة لا يبتغي بها وجه الله تعالى، فإذا كان يوم القيامة وجدها مُحبطة، والمشبه به صاحب جنة من أبهى الجنان، بلغ به الكبر مبلغه وله أولاد ضعاف، والجنة معاشهم هلكت بالصاعقة.

  ***


(19) التشبيه المنفي فى القرآن الكريم

***

سورة الرعد

ومنه قوله تعالى: ﴿وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ﴾ [الرعد: 42].

المشبه: مكر الكفار بالنبي صلى الله عليه وسلم، والمشبه به: مكر الكفار من الأمم السابقة بأنبيائهم. ووجه الشبه: محاولة إيذاء الأنبياء والكيد بهم. غرض التشبيه: تقبيح المشبه.

والمكر هو الخُبْث والخداع، ولما كان معنى المكر حيلة يجلب بها مضرة إلى الآخرين، وهو ما لا يجوز في حقه تعالى، كان المراد بمكر الله ردُّ مكرهم، أي: عاقبته ووخامته عليهم. ويجوز أن يكون من باب المشاكلة، وهي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته؛ لأن الله تقدس عن أن يستعمل في حقه المكر، إلا أنه استعمل هنا مشاكلة وهو كثير في القرآن، أو أن المراد بمكر الله مجازاتهم على مكرهم بجنسه، على سبيل المجاز المرسل، والعلاقة السببية. ويحتمل أن يكون الكلام استعارة تمثيلية، بتشبيه حالة تعليل المسلمين في أعينهم الحامل لهم على هلاكهم بمعاملة الماكر المحتال الذي يظهر خلاف ما يبطن.

***

سورة طه

ومنه قوله تعالى: ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾ [طه: 83، 84].

المشبه: إتباعهم لموسى في مشيه. والمشبه به: إتباع الأثر. ووجه الشبه: السرعة والموالاة. غرض التشبيه: تزيين المشبه.

شبه الجائي الموالي بالذي يمشي على علامات أقدام مَن مشى قبله قبل أن يتغيّر ذلك الأثرُ بأقدام أخرى، ووجه الشبه هو موالاته وأنه لم يسبقه غيره. والمعنى: هم أولاء سائرون على مواقع أقدامي.

ويظهر هذا التشبيه حرص موسى عليه السلام الشديد على رضا الله سبحانه، فقد آثر الاستعجال لميقات ربه، فهو موعد وأي موعد، إنه موعد مع ملك الملوك، مع الرب الرحيم، مع الخليل الذي تخلل حبه قلب موسى، فخلف وراء ظهره الدنيا وما فيها وجاء يُسَابق الزمان.

***

سورة الحج

ومنه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ [الحج: 73].

ففي قوله تعالى: (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) تشبيه ضمني.

المشبه: عجز الأصنام وضعفها. والمشبه به: أناس عجزوا عن خلق أضعف المخلوقات. ووجه الشبه: العجز.

فالتشبيه في هذه الآية ضمني خفيّ يُنبئُ عنه قوله: (وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ). لقد أظهر التشبيه مدى الضَّعف والذِّلة والعجز والقلة التي تحيط بتلك الآلهة المزعومة، فهي وإن كثرت وتداعت وتظاهرت حتى أصبحت مثل أعظم عظماء الدنيا فلن يستطيعوا جميعًا خلق ذُبَاب ولو تداعوا لذلك.

ثم زاد في تحقيرهم وإظهار مدى ضعفهم وقلة حيلتهم فأخبر أن هذا المخلوق الصغير لو وقع على أحدهم وسلب منه شيئاً من طعام ونحوه فإنهم على كثرتهم وتعاونهم لن يتمكنوا من استرداد ما استلبه منهم، فأي ضعف أعظم من هذا الضعف؟!

ثم ختم الآية بالحكم العدل والتعقيب الصادق على حال تلك الآلهة وأولئك الكفرة الجهلة فقال ضعف الطالب وهو العبد والمطلوب وهو المعبود، وفي ذلك حكم بعجز كل منهما عن نفع نفسه فضلاً عن نفع غيره.

***

سورة الأعراف

ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف: 85].

في الآية تشبيه ضمني منتزع من جو المشهد المعروض، حيث شبه الله المؤمنين بالأرض الطيبة الخصبة، والكافر بالأرض الخبيثة التربة، وشبه القلوب بالأرض، إذ هي محل الأعمال كما أن الأرض محل النبات، فأخبر الله تعالى بأن الأرض جنس واحد، ولكن منها طيبة تتأثر بالمطر فيكثر ريعها ويحسن نباتها وتزدان بأبهى الحُلل وأنواع الزينة، ومنها قيعان لا تُنبت شيئًا، فإن أنبتت فمما لا منفعة فيه، وكذلك القلوب كلها لحم ودم، فيها الذي يخضع لجلال الله عز وجل ويقبل الوعظ، ومنها نافر قاسٍ صلد لا يقبل الوعظ، فليشكر الله تعالى من لان قلبه بذكره.

***

سورة التوبه

ومنه قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [التوبة: 109].

الآيات التي سبقت هذه الآية تُشير إلى أنه كان بالمدينة المنورة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم رجل من الخزرج يُقال له: أبو عامر الراهب، وكان قد تنصر في الجاهلية، وقرأ علم أهل الكتاب، وله شرف ومكانة كبيرة في الخزرج، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة واجتمع المسلمون حوله، وصارت للإسلام مكانة عالية، وأظهرهم الله يوم بدر، بادر أبو عامر بالعداوة وفرَّ إلى مكة يُمالِؤُ كفار قريش على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدموا عام أحد، فكان من أمر المسلمين ما كان، وامتحنهم الله عز وجل، وكانت العاقبة للمتقين، وبعدها ذهب يستنصر هرقل على النبي صلى الله عليه وسلم، فوعده ومنَّاه، وكتب إلى جماعة من قومه من أهل النفاق بالمدينة أن يتخذوا له معقلا ليكون مرصدا لهم إذا قدِم عليهم، فشرعوا في بناء مسجد مجاور لمسجد قباء، فبنوه وأحكموه، ولما قفل النبي صلى الله عليه وسلم راجعًا من تبوك نزل عليه جبريل عليه السلام بخبر مسجد الضرار فأمر بهدمه فهُدم.

أشار الله تعالى إلى مسجد التقوى على مسجد الضرار، فقال: هل من أسس بنيانه على تقوى ومخافة من الله تعالى وطلبٍ لمرضاته بالطاعة، هل ذاك خير أم هذا الذي أسس بُنيانه على طرف واد متصدِّع مُشرف على السقوط، فسقط به البناء في نار جهنم، والله لا يُوفِّق الظالمين إلى السداد ولا يهديهم سبيل الرشاد.

وفي الآية تشبيه ضمني، شبَّه سبحانه وتعالى بنيانهم على نار جهنم، بالبناء على جانب نهر هذه صفته، فكما أن من بنى بناء على جانب هذا النهر فإنه ينهار بناؤه في الماء ولا يثبت، فكذلك بناء هؤلاء ينهار ويسقط في نار جهنم.

فالآية تدل على أنه لا يستوي عمل المتقي وعمل المنافق، فإن عمل المؤمن الورع الثابت مستقيم مبني على أصل صحيح ثابت، وعمل المنافق متأرجح ليس ثابتًا بل هو واه ساقط.

فالذي يُحكم بينان عقيدته على قاعدة متينة مُحكمة صلبة، وهي تقوى الله ورضوانه أحسن ممن يؤسسه على قاعدة هي أضعف القواعد وأرخاها وأقلها بقاء وهو النفاق والباطل، الذي شبهه الله بمكان السيل المتصدع المنهار في قلة الثبات والاستمساك.

***

ومنه قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ﴾ [فاطر:27، 28].

فالحياة وما تحويه من الأشجار والأحجار والجبال والدواب والأنعام مختلفة الأشكال والألوان، وما دام الأمر كذلك فالناس جزءٌ من هذه البيئة؛ فلا بد أن يكونوا مختلفين كذلك؛ فمنهم الطيب ومنهم الخبيث، ومنهم الخصب ومنهم النكد، ومنهم الناعم ومنهم القاسي، ومنهم اللين ومنهم الصلب، ومنهم الغافل الجاهل، ومنهم العالم العاقل.

فيوضح الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم أن الناس مختلفون في النفوس والقلوب، فمنهم من يستجيب ومنهم من يكذب، فلا يبتئس ولا ييأس، بل يستمر في البلاغ والإنذار، ولا يزعجه تعنت الكفار، فالناس مختلفون في الأفكار والأبصار، ولن يستجيب لك يا محمد إلا العاقل العالم، ولهذا يختم الله الآية بقوله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾ [فاطر: 28].

ففي هذه الآية تشبيه ضمني، شبه اختلاف الناس في أشكالهم وأمزجتهم وقُدراتهم وطبائعهم بما تحويه الدنيا من كائنات ومظاهر طبيعية مختلفة الأشكال والألوان.

 وبهذا نكون قد انتهينا من الحديث عن التشبيه الضمني فى القرآن الكريم

***

1 تعليقات


أحدث أقدم