الاستفهام المجازي في كتاب الصاحبي لابن فارس

    'الاستفهام المجازي في كتاب (الصاحبي) لابن فارس395)هـ) ـــ

 البحث:
دراسة جهود ابن فارس في تطوير البحث البلاغي من خلال دراسة أحد أكثر هذه الأساليب ثراء في كتابه، وهو أسلوب (الاستفهام)، فقد وجدت في كتابه مجموعة من الأحكام والإشارات المنظمة، التي كان لها ـ في رأيي ـ أثرٌ في تغذية الدرس البلاغي بروافد فياضة من الثراء العلمي، والدقة في التفكير. وسيلة البحث: دراسة مبحث الاستفهام في كتابه، وعرض ما جاء فيه من أسرار بلاغية، أو معان مجازية، ومناقشتها، ومقارنتها ببعض الآراء التي ذُكرت في هذا الموضوع. نتيجة البحث: ثبت أن لابن فارس جهداً واضحاً في دفع عجلة البلاغة العربية إلى الأمام، فقد درس هذا الأسلوب بطريقة عالم البلاغة المعني بدقائقها وتفاصيلها، فأزاح عنه ما كان يكتنفه من توزيع وتفرق لأقسامه ومعانيه، فلمَّ شتاته، ونظم ما كان منه من أفكار متناثرة، ونتف مفرقة، في باب واحد مستقل، كما عمّق كثيراً من المعاني البلاغية التي مر بها سابقوه، وأضاف إليها ما أضاف مما هداه إليه حسه البلاغي، وبصيرته النفاذة في الكشف عما رواء النص من دلالات وإيحاءات. وهذا فضل يجب ألا ينساه لابن فارس من يدرس علوم البلاغة وتاريخها. الاستفهام المجازي عند ابن فارس (ت 395 هـ)([1">)
الاستفهام لغة:

 مصدر استفهمت، أي طلبت الفهم، يقول ابن منظور "وأفْهَمَهُ الأمْرَ وفَهَّمَهُ إيَّاهُ: جعله يَفْهَمُهُ، واسْتَفْهَمَهُ: سألهُ أن يُفَهِّمُهُ، وقد اسْتَفْهَمَنِي الشيءَ فأَفْهَمْتُهُ وَفَهَّمْتُهُ وَفَهَّمْتُهُ تَفهيماً"([2">).
  الاستفهام اصطلاحاً  :

 طلب العلم بشيء لم يكن معلوماً من قبل، بإحدى أدوات([3">) الاستفهام. 
 وأساليب الاستفهام :

هو أحد الأنواع الخمسة للإنشاء الطلبي، التي هي: الأمر، والنهي، والتمني، والنداء فضلاً عن الاستفهام. والدارس لهذا الأسلوب يدرسه في منظومته الخاصة، وهي الإنشاء الطلبي، ضمن علم المعاني. والاستفهام نوعان: حقيقي يتوخى به صاحبه معرفة ما يجهله، أو مجازي، يكون السائل عالماً فيه بما يسأل عنه، لكنه يقصد فيه معنى من المعاني المجازية التي يفهمها المتلقي من السياق اللغوي عند تأمل النص، وفقهه، وسبر ما يكمن وراءه من معان وأسرار، وهذه المعاني المجازية ثرية ومتنوعة تتسع لشتى ضروب الفكر، ومختلف أحوال المشاعر. الاستفهام عند ابن فارس: أولى ابن فارس أسلوب الاستفهام عناية خاصة، فقد جعله المبحث الثاني من باب (معاني الكلام)([4">)، وأفرد له قسماً خاصاً، عرض فيه لتعريفه، وسبب تسميته، والمعاني البلاغية التي حققها خروج صيغه عن أصل وضعها. يقول: "الاستخبار: طلب خبر ما ليس عند المُسْتَخْبِر، وهو الاستفهام وذكر ناس أن بين الاستخبار والاستفهام أدنى فرق: قالوا: وذلك أن أولى الحالين الاستخبار، لأنك تستخبر فتُجاب بشيء، فربما فهمتَهُ، وربما لم تفهمه، فإذا سألت ثانية فأنت مُسْتفهم، تقول: أفهمني ما قُلتَه لي. قالوا: والدليل على ذلك أن البارئ ـ جل ثناؤه ـ يوصف بالخُبْر ولا يوصف بالفهم"([5">). ويبدو أن ابن فارس في تسمية هذا الأسلوب (استخباراً) يسير إثر ثعلب([6">) (ت 291هـ) الذي ذكر أن قواعد الشعر أربع: أمر ونهي وخبر واستخبار، وإثر ابن قتيبة (ت 276هـ) في كتابه أدب الكاتب([7">)، الذي جعل الكلام فيه أربعة: أمر وخبر واستخبار ورغبة، لكن ابن قتيبة لا يلبث أن يطلق عليه استفهاماً([8">)، شأنه في ذلك شأن الرعيل الأعظم من البلاغيين، وشأن ابن فارس كذلك، الذي، وإن كان قد اختار هذه التسمية، جعلهما بمعنى واحد كما لاحظنا من تعريفه. المعاني المجازية للاستفهام عند ابن فارس: لاحظ ابن فارس أن الاستفهام نوعان: الأول قائم على الأصل اللغوي، يكون "ظاهره موافقاً لباطنه، كسؤال عما لا تعلمه، فتقول: ما عندك؟، ومن رأيت؟"([9">) والآخر: هو الاستفهام المجازي، ويعبر عنه بقوله: "وقد لا يكون كذلك"([10">)، وهو بذلك يشير إلى خروجه عن ذلك الأصل اللغوي إلى معان مجازية، وهذه المعاني كثيرة أطال في استقصائها حتى أوصلها إلى (15) معنى، هي: 1 ـ  ما هوالتعجب أو التفخيم: أدرك ابن فارس أن الاستفهام قد يكون ظاهره استفهاماً، وباطنه تعجب، يقول: "ويكون استخباراً في اللفظ والمعنى تعجب، نحو: )فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ( [الواقعة: 56/8">"([11">). وما ذكره هنا يُعد توجيهاً بلاغياً مجازياً، فالاستفهام لم يرد على حقيقته، وهو طلب الفهم أو الاستفهام عن أصحاب الميمنة؛ بل تجاوز هذا المعنى اللغوي الظاهر لإفادة معنى آخر هو التعجب؛ لأنه من الأمور التي تدعو إلى التعجب، فقد دل على وصفهم بشيء لا يمكن وصفه، ولا يفي به التعبير بعبارة غير ما جاءت عليه، وهذا هو هنا سر جمالية أسلوب الاستفهام وبلاغته أنه ترك للمتلقي الفرصة لأن يتصور صفاتهم، ويتدبر حالهم فيما لو رغب في ذلك. وما ذهب إليه ابن فارس هنا كان الفراء (ت 207هـ) قد أكده عندما قال: "عجَّب نبيّه منهم، فقال: ما أصحاب الميمنة؟ أي شيء هم"([12">). والتعجب ـ بمعناه الاصطلاحي ـ هو "استعظام أمر ظاهر المزية، خافي السبب، وإذا خرج من أسلوب النحو السماعي والقياسي إلى الاستفهام، فإنما يراد به المبالغة في إظهار التعجب"([13">). ولعل هذه المبالغة في إظهار التعجب جعلت ابن فارس يرى أنه قد يسمى الغرض في هذا الشاهد وما يماثله تفخيماً، ويستدل عليه بقوله تعالى: )ماذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ( [يونس: 10/50">([14">). وهذه الآية ذكرها الفراء، فرأى أن الاستفهام يحتمل معنيين؛ الأول على جهة التعجب؛ كقوله: ويلهم ماذا أرادوا باستعجال العذاب؟: والآخر: التعظيم؛ أي تعظيم أمر العذاب([15">). أما الزمخشري (ت 538 هـ) فلم ير فيها إلا معنى التعجب؛ "كأنه قيل: أي شيء هول شديد يستعجلون فيه"([16">). وجمع أبو حيان (ت 745 هـ) بين التعجب والتهويل؛ بقوله: "ما أشد وأهول ما تستعجلون من العذاب"([17">). ويبدو أن ابن فارس سعى إلى أن يحيط بدقائق المعاني التي أفادها الاستفهام بمعونة السياق، فرأى أن التعجب هنا قد يسمى تفخيماً. ورأيه هذا يحتمل أمرين؛ الأول: أنه حاول ألاَّ يجمع بين غرضين معاً في هذا الشاهد؛ إذ كان في إمكانه أن يفعل كما فعل أبو حيان عندما جمع بين غرضي التعجب والتهويل، أن يجمع هنا بين التعجب والتفخيم. ولا يعني هذا أن نقلل من جهد ابن فارس لأن العلماء أحياناً يختلفون في رصد المعنى البلاغي الدقيق، فضلاً عن أنه كثيراً ما يُجمع بين التعظيم والتفخيم، فكلاهما بمعنى واحد، وهو الإجلال والإكبار والتقدير([18">). والأمر الثاني: أنه يقصدُ هنا بالتعجب (التفخيم)؛ لأننا نراه فيما بعد قد أفرد له غرضاً مستقلاً([19">). 2 ـ التوبيخ: وتنبه ابن فارس أيضاً إلى أن الاستفهام في قوله تعالى: )أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ( [الأحقاف: 46/20"> لم يكن استفهاماً محضاً، بل هو "استخبار والمعنى توبيخ"،ثم يستدل عليه بقول الشاعر: أغَرَرْتني وزَعمت أنَّـ ك لابنٌ بالصيف تَامِرْ([20">) فمعنى التوبيخ واضح في الشاهدين، فهو يفيد أن ما بعد الاستفهام واقع، وأن من يقوم به يستحق التقريع واللوم والتوبيخ. وهذا المعنى ذكره الفراء عندما شرح الآية قائلاً: "العرب تستفهم بالتوبيخ ولا تستفهم"([21">)، وأشار إليه أبو حيان، لكن بعد أن جمع بين التوبيخ والتقرير([22">). ومما تجدر الإشارة إليه هنا أن العلماء ـ فيما بعد ـ توسعوا في دراسة استفهام التوبيخ، فجعله بعضهم من قبيل "الإنكار، بمعنى ما كان ينبغي أن يكون، أو بمعنى لا ينبغي أن يكون، والغرضُ من ذلك تنبيه السامع حتى يرجع إلى نفسه، فيخجل أو يرتدع عن فِعل ما هَمّ به، أو للتكذيب بمعنى لم يكن، أو لا يكون… ثم يشترطون له أن يلي المنكر الهمزةُ"([23">). 3 ـ التفجع: ويشير إلى غرض (التفجع) بقوله: "ويكون اللفظ استخباراً، والمعنى تفجع: نحو: )مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيْرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصَاهَا( [الكهف: 18/49">([24">)". والتفجع ـ كما يقول ابن منظور ـ في فجع. والفجيعة: الرزية الموجعة بما يَكْرم، وفجعته المصيبة: أي أوجعته([25">). وغرض (التفجع) كما يُفهم من استنتاج ابن فارس، هو بالنظر إلى حال الكافرين، لا بالنظر إلى حال المؤمنين، لأن ثمة بوناً شاسعاً بين الحالتين؛ فالفئة الأولى ترى فيه نوعاً من الفاجعة أو الكارثة في كونه قادراً على إحصاء كل صغيرة وكبيرة، ولهذا كان غرض الاستفهام عند من اعتنق هذا الرأي كشيخنا ابن فارس، والزركشي([26">) من بعده، هو (التفجع). ولكن ثمة فئة أخرى نظرت إلى الكتاب من وجهة أخرى، هي وجهة تتعلق بحال الكتاب وعظمته وإعجازه في أن له تلك القدرة الخارقة على إحصاء كل صغيرة وكبيرة، فكان استفهامهم عنه يتجاوز تلك النظرة السطحية لمعنى الاستفهام، ليفيد معاني أخرى، هذه المعاني عند السيوطي (التفخيم)([27">)، وعند أبي حيان وأبي السعود (ت 951هـ) (التعجب)([28">)، وهناك من جمع بين معظم هذه الأغراض وزاد عليها فرأى فيها: إنكاراً وتعجباً وتفجعاً، وعلل ذلك بقوله: "الاستفهام يتضمن تعجباً من كتّاب الأعمال الذين هالهم أمره، حيث جاء محصياً كل أعمالهم صغيرها وكبيرها، فهو تعجب يفيد التهويل من أمر كان يُظن أنه لن يأتي على هذه الصورة، فلما جاء لم يكن مفر من الإقرار بالأمر إشفاقاً على أنفسهم، وتحسراً لما سيلحقهم ـ وهو مع ذلك ـ يتضمن نوعاً من الإنكار، وعلة الإنكار تتصل بمجيء الكتاب محصياً كل صغيرة وكبيرة في مقام البعث والحساب الذي كان هؤلاء الكفار ينكرونه، ويظنون عدم مجيئه بعامة وفي هذه الحال بخاصة، فالإنكار يتعلق بأمر حدث ولم يكن متوقعاً أيضاً، ويصل إشفاق الكافرين وتحسرهم إلى مستوى الفجيعة، ويرتبط ذلك بقوله تعالى: )فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ( الكهف 18/49، وبقوله: )لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا( الكهف 18/49، ولو كان الاستفهام على لسان المؤمنين لكان له دلالة أخرى؛ فمتعلقات الجملة توجه الدلالة وتضبطها وتقيدها"([29">). 4 ـ التبكيت: ويدل على خروج الاستفهام عن أصل وضعه إلى معنى (التبكيت) بقوله: "ويكون استخباراً، والمعنى تبكيت نحو: )أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ( [المائدة: 5/116">، تبكيت للنصارى فيما ادعوه"([30">). وابن فارس بإفراده لهذا الغرض، يُفهم منه أنه يُفرق بين التبكيت والتوبيخ، وهو بهذا محق؛ لأن المعنى اللغوي للتبكيت، وإن أفاد ما أفاد التوبيخ: التقريع والتعنيف، غير أن التبكيت يُفهم منه الحِجاج، يقول ابن منظور: "وبكته بالحجة، أي غلبه"([31">)، و"لعل التبكيت أعلى درجة من التوبيخ، فهو توبيخ، وتقريع وتعنيف واستنكار"([32">). وما ذهب إليه ابن فارس من أن الاستفهام أفاد التبكيت وافقه عليه الزركشي([33">)، ونقل عنه هذا الشاهد، لكن ثمة علماء غيرهما ذهبوا مذهباً مغايراً، فرأى أبو عبيدة أنه من "باب التفهيم، وليس باستفهام عن جهل ليعلمه...، وإنما يراد به النهي عن ذلك، ويتهدد به" ثم ساق أمثلة اختلطت فيه معاني التهديد بالتقرير([34">). قال القرطبي (ت 671 هـ) إنّه "توبيخ لمن ادعى ذلك عليه، ليكون إنكاره بعد السؤال أبلغ من التكذيب، وأشد في التوبيخ والتقريع"([35">). أما المرادي فذهب إلى أنه للتقرير([36">). وهكذا نلحظ أن الآراء تتباين، لكن يبقى لرأي ابن فارس بعد دقيق؛ ذلك لأنه أدرك أن الاستفهام وإن كان موجهاً إلى سيدنا عيسى عليه السلام، إلا أنه لا يعنيه؛ لأنه ـ عز شأنه ـ يعلم أن هذا القول لم يقع منه، بدليل قوله عليه السلام: )سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ( [المائدة: 5/116">، كما أن النصارى يعلمون أنه لم يقله، لكنه أراد من هذا الاستفهام أن يكون تبكياً لهم، ليعلموا أنهم المراد بذلك. وثمة مسألة بلاغية تؤكد أن ما ذهب إليه ابن فارس من أن الاستفهام أفاد تبكيتاً، ولم يكن استفهاماً محضاً، أو نهياً أو تفهيماً كما قال أبو عبيدة، أو تقريراً كما ذهب المرادي هي أن "إيلاء الاستفهام الاسم، ومجيء الفعل بعده دلالة على صدور الفعل في الوجود، لكن وقع الاستفهام عن النسبة، سواء أكان هذا الفعل الواقع صادراً عن المخاطب أم ليس بصادر عنه، وفي هذا يقول عبد القاهر: "إذا بدأت بالفعل، فقلت: (أفعلت؟) كان الشك في الفعل نفسه، وكان غرضك من استفهامك أن تعلم وجوده. وإذا قلت (أأنت فعلت؟) فبدأت بالاسم كان الشك في الفاعل من هو؟، وكان التردد فيه... ومثال ذلك أنك تقول: (أبنيت الدارَ التي كنت على أن تبنيها؟)... وتقول: أأنت بنيتَ هذه الدار؟)، فتبدأ في ذلك كله بالاسم، وذلك لأنك لم تشك في الفعل أنه كان. كيف؟ وقد أشرت إلى الدار مبنية، وإنما شككت في الفاعل من هو؟ فهذا من الفرق لا يدفعه دافع، ولا يشك فيه شاك، ولا يخفى فساد أحدهما من موضع الآخر"([37">). 5 ـ التقرير: ويشير إلى خروج الاستفهام عن أصل وضعه إلى غرض التقرير بقوله: "ويكون استخباراً، والمعنى تقرير، نحو قوله جل ثناؤه: )أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ( [الأعراف: 7/172">"([38">). وابن فارس بهذا فهم المعنى المجازي للاستفهام، بأنه ليس استفهاماً محضاً؛ لأن الآية الكريمة لم تستفهم: أربهم هو أم لا، والله سبحانه وتعالى لا يريد جواباً؛ بل يريد أن يقر أمراً ثبت العلم به، وبذلك ينتزع اعترافاً منهم. و(التقرير) ـ كما يعرفه العلماء ـ هو "حملك المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عنده"([39">) نفياً أو إيجاباً؛ لأنه أوقع في النفس، وأدل على الإلزام، وهو "كالإنكار، يُشترط أن يلي المنكر الهمزةُ"([40">) وقد استقر لديهم أنه هو ربهم، لكن مثل هذا الاستفهام يقال في تقرير من يُظن به الإنكار، أو ينزل منزلة ذلك. ومما يُذكر لابن فارس هنا أنه أحسن التدليل على هذا الغرض بالاستشهاد عليه بهذا الشاهد، وفي هذا إشارة واضحة إلى أنه كان يعي مفهوم (التقرير)؛ لأن ثمة قاعدة بلاغية تقول إن الهمزة ـ في الغالب ـ أو إحدى أدوات الاستفهام إذا ما دخلت على نفي، فإنه لا يراد بها معنى النفي؛ بل يراد تقرير ما بعده، وهنا الهمزة دخلت على النفي بقوله: (لست)، فأصبحت (ألست)، وهذا كله يؤكد مدى فهم ابن فارس لدقائق هذا الأسلوب وتفاصيله. 6 ـ التسوية: ويُعبر عن غرض التسوية بقوله: "ويكون استخباراً، والمعنى تسويةٌ، نحو: )سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ( [البقرة: 2/6">"([41">). وهذا يعني أن ابن فارس تحسس بذوقه الفني أن وراء الاستفهام يكمن غرضٌ آخر هو التسوية، وحقيقة التسوية هنا هي أن الإنذار وعدمه سواء بالنسبة إليهم. واستفهام (التسوية) ـ كما يعبر عنه العلماء ـ: هو الاستفهام الداخل على جملة يصح حلول المصدر محلها([42">). وما ذهب إليه ابن فارس هنا يؤكد دقة وعيه لمفهوم هذا الأسلوب، كما يشير إلى مدى تجاوزه من سبقه من العلماء. فأبو عبيدة ـ مثلاً ـ نقل ضمن ما نقل هذا الشاهد، لكنه رأى فيه استفهاماً للإخبار([43">). كما أن عالماً مثل الفراء لم يعرض في أثناء تفسيره لهذا النوع من الاستفهام المجازي، وأغفل الحديث عنه كذلك ابن قتيبة([44">)، في القسم الذي أفرده لدراسة الاستفهام. ومما يؤكد صحة ما ذهب إليه ابن فارس أن الآراء من بعده جاءت لتفيد ما أفاده من أن الغرض البلاغي لهذا الاستفهام هو التسوية([45">). لكن، مما يجدر الإشارة إليه هنا أن ابن فارس وجه اهتمامه لرصد المعنى البلاغي لهذا النوع من الاستفهام، دون أن يبذل أي جهد في الإشارة إلى مسائل التسوية ودقائقها، فعلى حين نجد أن عالماً في زمن مبكر كسيبويه([46">)، وغيره ممن جاء بعده من العلماء([47">) قد تناولوا هذه المسائل، فأشاروا إلى دخول (أم) المعادلة لهمزة التسوية؛ لأنها تعادلها في هذا المعنى، وهو استواء علم السائل في طرفي التسوية، لا يدري أيهما هو، واشترطوا في (أم) هذه أن تُسبق بما يدل على التسوية لفظاً ومعنى، مثل: سواء، ويستوي، وسيان، أو معنى فحسب، مثل: ليت شعري، ولا أدري، وما أبالي... وما أشبه ذلك. ولا يعني هذا أن نقلل من جهد ابن فارس، أو من قيمة ما ذهب إليه، فقد لاحظنا ـ ومنذ مطلع مبحثه في الاستفهام ـ أنه وجه اهتمامه لدراسة ما وراء الاستفهام من أغراض وأسرار بلاغية، دون أن يتجاوز ذلك إلا في أمور محددة كما سنشير إليها لاحقاً([48">). 7 ـ الاسترشاد: ويشير إلى غرض الاسترشاد بقوله: "ويكون استخباراً، والمعنى استرشاد، نحو: )أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا( [البقرة: 2/30">"([49">). وابن فارس ـ هنا ـ لا يوضح معنى الاسترشاد، ولا يشرح الآية بما يُفهم منه هذا المعنى، ولعله كان يقصد به الاستعلام الذي يكتنفه شيء من طلب الرشد والهداية، وهذا ما يشير إليه المعنى اللغوي، لأنه يقال في اللغة: "استرشده: طلب منه الرشد، ويقال: استَرْشَد فلان لأمره إذا اهتدى له وفي الحديث: وإرشادُ الضال: أي هدايته الطريق وتعريفه"([50">). كما أن عالماً مثل الزركشي حاول فيما بعد أن يفرق بين الاستفهام والاسترشاد، فرأى فيه نوعاً من الأدب في مخاطبة الله عز وجل، يقول: "الظاهر أنهم استفهموا مسترشدين، وإنما فرّق بين العبارتين أدباً"([51">). ويشرح ابن عطية هذا المعنى أكثر عندما ينقل رأي من قال بالاسترشاد، يقول: "وقال آخرون كان الله تعالى قد أعلم الملائكة أنه يخلق في الأرض خلقاً يفسدون ويسفكون الدماء، فلما قال لهم بعد ذلك [إني جاعل"> قالوا: [أتجعل فيها"> على جهة الاسترشاد والاستعلام: هل هذا الخليفة هو الذي كان أعلمهم به قبل أو غيره؟"([52">). وعلى هذا المعنى يكون رأي ابن فارس صائباً في توجيه الاستفهام وجهة الاسترشاد. وهذه الآية ذكرها كثير من العلماء، لكن آراءهم جاءت متباينة، فذهب أبو عبيدة إلى أنها للتقرير([53">)، وأفادت عند الزمخشري وأبي حيان معنى التعجب([54">)، ونقل أبو حيان وابن عطية آراء كثيرة كان الغرض فيها الاستعظام والإكبار، أو التقرير، أو الاستفهام المحض([55">). 8 ـ الإنكار: ويعبر عن معنى الإنكار بقوله: "ويكون استخباراً، والمعنى إنكار، نحو: )أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ( [الأعراف: 7/28"> ومنه قول القائل: وتقول عَزَّةُ: قد مَلَلْتَ فقُلْ لها: أيَمَلُّ شَيءٌ نفسَه فَأمَلَّهَا؟([56">) فابن فارس أدرك أن صيغة الاستفهام في الشاهدين خرجت عن أصل حدود الدلالة الوضعية لإفادة الإنكار، لأن "الإنكار: الجحود، وهو الاستفهام عما يُنْكِرهُ، والاسْتِنْكارُ: استفهامك أمراً تُنْكِرهُ"([57">)، ومعنى الإنكار هنا أن الله سبحانه وتعالى يستهجن أو ينكر على الكافرين فعلهم في الكذب عليه، فينسبون إليه القبيح دون علم أو نظر صحيح، كما أن الشاعر ينكر على عزة قولها بأن الملل قد تسرب إليه، فيخاطبها منكراً ما تدعيه عليه. وما ذهب إليه ابن فارس في الآية وافقه عليه الزمخشري([58">) وكذلك فعل أبو حيان الذي علل سر الإنكار بأنه "لإضافتهم القبيح إليه، وشهادة على أن مبنى أمرهم على الجهل المفرط"([59">). والعلماء ـ مع كل هذا ـ لا يبينون الأسرار والفوائد البلاغية من الاستفهام الدال على الإنكار؟ فعبد القاهر الجرجاني بنظره الثاقب، وحسه الجمالي، وبصيرته الواعية يفتح الباب واسعاً للخوض فيما وراء هذه الأغراض، ليؤكد أنه يأتي "لتنبيه السامع، حتى يرجع إلى نفسه فيخجل ويرتدع ويعيا الجواب، إما لأنه قد ادعى القدرة على فعل لا يقدر عليه،… وإما لأنه همَّ بأن يفعل ما لا يُستصوب فعلُه، فإذا روجع فيه تنبه وعرف الخطأ، وإما لأنه جوّز وجود أمر لا يوجد مثله"([60">). والإنكار عرض له العلماء عند دراستهم لأسلوب الاستفهام وتوسعوا بدراسة أشكاله وأقسامه، وذكروا أنه يرد إما للتوبيخ بمعنى ما كان ينبغي، أو بمعنى لا ينبغي أن يكون، وإما للتكذيب بمعنى لم يكن([61">). وهناك من قسمه إلى إنكار إبطالي وحقيقي([62">)، واشترطوا له أن يلي المُنكر الهمزة([63">). وهكذا نرى أن ابن فارس نجح في استخلاص المعنى البلاغي لصيغة الاستفهام في هذا الشاهد، ففتح الباب واسعاً لمن جاء بعده ليخوض في أقسام الإنكار وفروعه. 9 + 10 ـ العرض والتحضيض: ويشير إلى هذين الغرضين بقوله: "ويكون اللفظ استخباراً، والمعنى عرض، كقولك: ألا تنزل؟ ويكون استخباراً، والمعنى تحضيض نحو قولك: هلاَّ خيرا من ذلك؟ و: بني ضَوْطَرَى لولا الكَمِيَّ المُقَنَّعَا([64">) وابن فارس هنا لا يفرق بين المصطلحين: العرض والتحضيض  فالعرض هو "الطلب  يعنى برفق، والتحضيض  يعنى بِشق"([65">). ويبدو أن ابن فارس نظر إلى أصل هاتين الأداتين، فرأى أنهما بمعنى (هل)، لأن (ألا) يحتمل أن يكون أصلها (هلا) فأبدلت الهاء همزة، وبهذا التركيب امتد نظر العلماء فتبينوا "تعين معنى التمني، وزوال احتمال الاستفهام في هل، فتولد من التمني التنديم في الماضي، نحو: هلا أكرمت زيداً، فكأن المعنى ليتك أكرمت زيداً، والتحضيض في المضارع نحو: هلا تكرم زيداً، فكأن المعنى: ليتك تكرمه متولداً منه معنى السؤال"([66">). 11 ـ الإفهام: ويشير إلى معنى الإفهام بقوله: "ويكون استخباراً والمراد به الإفهام نحو قوله جل ثناؤه: )وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ( [طه: 20/17">، ثم لا يلبث أن يشرح المقصود من الإفهام بقوله: "قد علم أن لها أمراً قد خفي على موسى ـ عليه السلام ـ فأعلمه من حالها ما لم يعلمه"([67">). ولعل ابن فارس يقصد أن ظاهر الاستفهام يدل على أنه سؤال عن شيء أشير إليه، وهو أمر معلوم عند سيدنا موسى ـ عليه السلام ـ فهو عالم أن الذي في يده عصا، فما وجه استخبار الله سيدنا موسى عليه السلام عما في يده؟ أليس ثمة إيماء إلى أن السؤال سيتضمن أمراً غريباً في شأنها؟ فمن رأي ابن فارس أنه أراد من الاستفهام إفهامه أن ما بيده عصا، وأن ثمة أمراً خَفِيَ على سيدنا موسى سيحدث، وهو انقلاب العصاب حية؛ فلذلك ابتدئ بسؤال عما بيده ليوقن أنه ممسك بعصاه، حتى إذا انقلبت حية لم يشك في أن تلك الحية هي التي كانت عصاه، وبذلك يكون غرض الإفهام دقيقاً من وجهة نظر ابن فارس. لكن كثيراً من العلماء ذهبوا وجهة أخرى، فرأى بعضهم أن الغرض هو التنبيه([68">)، وجمع أبو السعود بين الإيقاظ والتنبيه([69">)، وذكر ابن قتيبة أنه للتقرير([70">)، وشرح القرطبي معنى التقرير بقوله: "إنه لتقرير الأمر، حتى يقول موسى: هي عصاي، يثبت الحجة عليه بعدما اعترف"([71">) وجمع أبو حيان([72">) بين التقرير والتنبيه، فقال: هو تقرير مضمونه التنبيه، وذهب الزركشي والسيوطي([73">): إلى أنه للإيناس، ثم نقل الزركشي رأي ابن فارس في أنه للإفهام، لكنه لم يلبث أن استطرد بأنها "للتقرير؛ فيعرف ما في يده حتى لا ينفر إذا انقلبت حية"([74">). 12 ـ التكثير: ومما ذكره ابن فارس من المعاني المجازية للاستفهام معنى "التكثير"، يقول: "ويكون استخباراً، والمعنى تكثير، نحو قوله ـ جل ثناؤه ـ )وَكَمْ مِّن قَرْيَةِ أَهْلَكْنَاهَا( [الأعراف 7/4">"([75">) ثم يسرد أمثلة أخرى شواهد على هذا المعنى دون بذل محاولة لتفسيرها، وكأن همه كلّه منصب على توجيه الاستفهام توجيهاً مجازياً يكشف عما وراءه من معان وأسرار والأمثلة التي ذكرها، هي قوله تعالى: ")وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ( [الحج: 22/48">([76">) ومثله: كَمْ من دَنيّ لها قَدْ صِرْتُ أتْبَعُهُ ولو صَحا القلبُ عنها كانَ لي تَبَعا وقال آخر: وكَمْ مِن غَائِطٍ مِنْ دون سَلْمَى قليلِ الأُنْسِ ليس به كَتِيعُ([77">)" فكل ما ساقه ابن فارس من هذه الشواهد يشير إلى إدراكه خروج الاستفهام عن أصل وضعه إلى غرض التكثير، وهذا ما ذكره العلماء فيما بعد وتناولوه في كتبهم([78">)، لكن مما ينبغي التنبيه عليه أن عالمين بلاغيين مثل السكاكي والخطيب القزويني لم يعرضا لهذا الغرض، ولم يتناولاه ضمن دراساتهما لأسلوب الاستفهام([79">). 13 ـ النفي: ويتحدث عن استعمال صيغة الاستفهام بمعنى النفي، فيسوق ثلاثة شواهد: الشاهد الأول: وهو قولـه تعالى: )فَمَن يَهْدِي مضنْ أَضَلَّ اللهُ( [الروم: 30/29">، يقول: فظاهره استخبار والمعنى: لا هاديَ لمن أضل الله"([80">)، ولا يكتفي بتفسير الاستفهام بمعنى النفي، بل يسوق دليلاً آخر يظهر فيه حسه الفني في استخلاص المراد من ظاهر الكلام، يقول: "والدليل على ذلك قوله في العطف عليه: )وَمَا لَهُم مِّن نَاصِرِينَ( [الروم 30/29">"([81">). وهكذا نرى أن ابن فارس لم يقف عند حدود الإفادة من السياق الذي دل على أن المعنى هو النفي، بل ساق دليلاً نحوياً على صحة ما ذهب إليه هو العطف عليها بالمنفي، وهذا يؤكد أنه صاحب حس بلاغي اجتمعت فيه النظرية مع التطبيق. فضلاً عن ذلك فإننا نرى بعض العلماء من بعده قد ذهبوا مذهبه، عندما ذكروا أن الاستفهام قد حقق معنى النفي([82">). الشاهد الثاني: هو قول الفرزدق: أيْنَ الذين بهم تُسَامي دارِماً أمْ مَن إلى سَلَفَيْ طُهَيَّهَ تَجْعَلُ([83">) والاستفهام أفاد النفي، لكن ابن فارس لا يشير إلى دليله على معنى النفي، كما فعل في الشاهد السابق، إذ قد تبين أن في السياق ما يدل على ذلك، وهو كون المستفهم عنه من الأساليب التي أفادت التحدي أو التهكم، على معنى ليس لهم مما ذكر شيء. الشاهد الثالث: هو قوله تعالى: )أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ( [الزمر: 39/ 19">، يقول مشيراً إلى معنى النفي: "أي لست منقذهم"([84">). وما ذهب إليه ابن فارس وافقه عليه أبو حيان الذي أسماه استفهام توقيف، لكنه عندما شرح الآية أشار إلى معنى النفي بقوله: "وقدّم منه الضمير إشعاراً بأنك لست تقدر أن تنقذه من النار، بل لا يقدر على ذلك أحد إلا الله"([85">)، أما الزمخشري فقد جعل الهمزة للإنكار([86">). وهذا الإنكار قد يكون أحد أدلة النفي التي دلت عليها الأساليب الاستفهامية؛ لأن الأسلوب الذي يتضمن معنى الإنكار التكذيبي يكون من أدلة الاستفهام الذي أفاد النفي. 14 ـ الإخبار والتحقيق: ومما عرض له ابن فارس من خروج الاستفهام عن أصل وضعه هو (الإخبار والتحقيق)، يقول: "وقد يكون اللفظ استخباراً، والمعنى إخبار وتحقيق، نحو قوله جل ثناؤه: )هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ( [الإنسان 76/1">. قالوا: معناه([87">): قد أتى؟([88">)". وابن فارس يتفق بذلك مع الرعيل الأعظم من العلماء([89">) الذين عرضوا لهذه المسألة. وقد أحسن ابن فارس بالجمع بين العرضين (الإخبار والتحقيق)، فالإخبار هو "الإعلام بالشيء، ويستعمل لإثبات أمر ما، لذا ارتبط بالتحقيق في أسلوب الاستفهام؛ لأنه يتجه إلى اطلاع السامع، أو تثبيت خبر لديه، أو أنه يرمي إلى كليهما"([90">). وهو هنا في هذا الشاهد يقصد إلى الأمرين معاً. 15 ـ التعجب: ويشير إلى خروج الاستفهام عن معناه الأصلي إلى معنى التعجب بقوله: "ويكون بلفظ الاستخبار والمعنى تعجب، كقوله جل ثناؤه: )عَمَّ يَتَسَاءلُونَ( [النبأ: 78/1"> و)لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ( [المرسلات: 27/12">"([91">). وما ذهب إليه ابن فارس من إفادة الاستفهام معنى التعجب، جاءت آراء العلماء من بعده موافقة لرأيه أو مقاربة له، يقول الزمخشري في الآية الأولى: هي لتفخيم الشأن([92">)، ويرى في الآية الثانية اجتماع غرضين هما: "تعظيم اليوم وتعجيب من هوله"([93">). أما أبو حيان فقد رأى في الآية الأولى اجتماع أربعة أغراض هي: التفخيم والتهويل والتقرير والتعجيب([94">)، وذهب في الآية الثانية مذهب الزمخشري من أنها تعظيم لذلك اليوم، وتعجيب لما يقع فيه من الهول والشدة([95">). وهكذا نرى أن الآراء تتفق أحياناً، وتتغاير أحياناً أخرى لكن ـ ومع هذا ـ يبقى غرض التعجب هو الغالب في كل ما ذكر، فإليه يشير السياق، والمعنى يطلبه؛ لأن من ضمن معاني التعجب ـ لغوياً ـ أنه إنكار ما يرد عليه لقلة اعتياده([96">)، ولأنه كذلك قليل الاعتياد فهو يوحي بالتعجب أولاً، وبمعانٍ أخرى قد تشترك معه مثل: التهويل والتفخيم… وغير ذلك، وهذا يعني أن معظم ما ذكر من آراء لم يجانب أصحابها فيها الحقيقة. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإنه يؤكد مدى دقة ابن فارس في استقراء السياق وما ينضوي خلفه من فوائد وأسرار بلاغية. ولكن ـ ومع هذا ـ لنتريث قليلاً في الحكم لابن فارس؛ لأن نظرة دقيقة على ما ورد عند ابن قتيبة تؤكد أن ما ذكره ابن فارس منقول بنصه وأمثلته عنه([97">). ولا يعني هذا أن نقلل من جهد ابن فارس، وذلك لأمرين، الأول: أنه الموضع الوحيد الذي نقله عنه في دراسة الاستفهام، والأمر الآخر: أنه لم يُسلم له بكل ما ذكر، بدليل أنه خالفه في بعض القضايا التي عرض لها، كما أنه تجاوزه عندما توسع في تناول هذه الأسرار البلاغية، كما سنبين لاحقاً([98">). ـ الاستفهام المجازي بين ابن فارس وأبرز السابقين واللاحقين له من العلماء: إن مما لا شك فيه أن جميع الباحثين والمفسرين للقرآن في تلك الحقبة المتقدمة وقفوا عند خروج الاستفهام عن معناه الوضعي إلى معان بلاغية، لكن هذا الوقوف جاء متفاوتاً متبايناً، فنظرة فاحصة على من سبق ابن فارس تظهر لنا أنه قد وعى بحق جهد من سبقه من العلماء فأفاد منه ما أفاد، وأضاف إليه ما أضاف مما جادت به بصيرته الواعية، وذوقه الفني في قراءة النص، وما وراء النص من معان وأغراض. فعلى سبيل المثال تحدث سيبويه (ت 180 هـ) عن الاستفهام، فنثر آراءه فيه في أكثر من موضع([99">) وكانت لـه وقفات خاصة بيَّن فيها المعاني المجازية للاستفهام، فذكر منها: التنبيه، والتعجب، والتوبيخ، والتقرير، والتسوية([100">). كما أن الفراء (ت 207هـ) تناول بعض أشكال الاستفهام المجازي فذكر منها: الإخبار، والتعظيم، والتعجب، والتوبيخ([101">). وأبو عبيدة (ت 208 هـ) كان مدركاً التغير في مدلول الاستفهام وخروجه عن أصل وضعه إلى أغراض بلاغية، ذكر منها: الإخبار والتقرير، والتوعد، والنفي، والتهديد، والاستفهام بـ (هل) الذي أفاد معنى قد([102">). لكن مما يؤخذ عليه أنه أحياناً لم يكن دقيقاً في فهم المعنى المجازي للاستفهام، وخير دليل على ذلك ما أشرنا إليه من أن قوله تعالى: )إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ( [البقرة 2/6"> هو استفهام بمعنى الإخبار، وقد بينا رأي ابن فارس ونقلنا آراء العلماء فيه([103">). فضلاً عن ذلك فإن المعاني البلاغية للاستفهام قد تتداخل لديه، فيصعب على القارئ أن يتبين توجيهه المجازي للشاهد([104">). وإذا ما وصلنا إلى الجاحظ (ت 255 هـ) فإننا سنلمس غياب أسلوب الاستفهام عن اهتمامه([105">). لكن ما إن نصل إلى ابن قتيبة (ت 276 هـ) حتى نرى أن دراسة هذا الأسلوب قد اتخذت منحى مغايراً لما سبق، إذ طرأ على دراسته شيء من التطور، تمثل في تنظيم المادة وتبويبها، ضمن أبواب مستقلة، ولكن، ومع كل هذا الجهد الذي بذله، نرى أنه لم يوفّ هذا الأسلوب حقه، إذ جعله من ناحية ضمن مبحث الخروج على مقتضى الظاهر([106">)، ومن ناحية أخرى اكتفى بالإشارة إلى ثلاثة أغراض بلاغية هي: التقرير، والتعجب، والتوبيخ([107">). وقد كنا بينا أن([108">) ابن فارس أفاد من أستاذه ابن قتيبة، فنقل عنه كل شواهده في غرض التعجب، لكن مع هذا النقل، فإنه لم يسلم له بكل ما ذكر؛ بل خالفه في أمور أخرى كنا قد أشرنا إليها في موضعها، مما يؤكد استيعاب ابن فارس لدقائق هذا الأسلوب وتفاصيله إلى حد أنه تجاوز أستاذه. ونثر محمد بن يزيد المبرد (ت 285 هـ) كثيراً من مسائل الاستفهام في كتابيه الكامل والمقتضب، وعرض لبعض الأغراض البلاغية، فذكر منها: التقرير، والتوبيخ، والتسوية([109">)، لكنّ الباحث في دراسة جهوده يحتاج ـ كما هي الحال عند من تقدمه أمثال: سيبويه، والفراء، وأبي عبيدة ـ أن يلم شتات هذه الموضوعات حتى يكّون فكرة دقيقة عنها، وعما طرأ عليها من تطوير. وعرض ثعلب (ت 291 هـ) في كتابه (قواعد الشعر) لأسلوب الاستفهام فجعله القاعدة الرابعة من قواعد الشعر، التي هي: الأمر، والنهي، والخبر، والاستخبار. وكنا نتوقع من ثعلب، وبعد كل هذه المراحل التي مر بها هذا الأسلوب، وبعد أن أفرد له مبحثاً مستقلاً أن يسهم فيه بنصيب مثمر، لكن ما حدث هو النقيض من ذلك، إذ لم يقف عند حد الاكتفاء بشاهد واحد له([110">)، بل لم يسعَ لأن يشفعه بأي نوع من الدرس أو التحليل. وبذلك نقول مطمئنين: إن دراسة هذا الأسلوب لم تتطور أبداً على يدي ثعلب. وبعد ذلك اتجه التصنيف اتجاهاً جديداً فيه نوع من التخصص، إذ ألَّف ابن المعتز (ت 296 هـ) كتابه (البديع)، وقدامة بن جعفر (ت 337 هـ) كتابه (نقد الشعر) تناولا فيهما كثيراً من موضوعات البلاغة، إلا أن غياب أسلوب الاستفهام كان واضحاً في كتابيهما. وتحدث ابن خالويه (ت 370 هـ)([111">) عنه، فحصر كل أغراضه بستة أغراض هي: التوبيخ، والتقرير، والتعجب، والتسوية، والإيجاب، والأمر ثم استدل على كل نوع بشاهد من القرآن. وقد يكون أسلوب الاستفهام حاضراً في أحد المصنفات، لكن حضوره عابر غير مقصود لذاته، وهذا ما نلاحظه في كتاب الرماني (ت 386هـ)، (النكت في إعجاز القرآن)، فقد مر مروراً سريعاً بأسلوب الاستفهام، عندما عرض لبعض أمثلته في باب (البيان)([112">)، مكتفياً بالتلميح إلى بعض معانيه مثل: التقريع، والتحسير والتبعيد([113">). ويتحدث ابن جني (ت 392 هـ) في مواضع شتى من كتابيه (الخصائص والمحتسب) عن الاستفهام، فينثر فيهما كثيراً من الآراء المهمة المفيدة، مما يمكن أن يدخل في صميم البلاغة، ويناقش بعض القضايا([114">) مناقشة العالم البارع الذي يغلب عليه طابع التحليل والتفسير والتعليل، وهو في كل ذلك لا يغفل عن تأكيد قاعدة بلاغية، هي أن الاستفهام لا يراد به دائماً صريح الاستفهام؛ بل يقصد به مغزى آخر، ولذلك عرض لهذه المقاصد، فذكر منها: الإنكار، والنفي، والتوبيخ، والتقبيح، والتهكم([115">)، وذكر في الخصائص: الإخبار، والتقرير، والوعظ، والتبكيت([116">) وغيرها، ولكن مع هذا تبقى دراسة هذا الأسلوب غير مقصودة لذاتها، فلم يفرد لها مبحثاً مستقلاً يجمع شتاتها، ويلم كل ما توزع فيها من آراء هنا وهناك. وبعد ابن جني بدا هذا الأسلوب يراوح مكانه، فلم يطرأ عليه أي جديد يذكر، فها هو أبو هلال العسكري (ت 395 هـ) يؤلف كتابه (الصناعتين)، ويبحث فيه موضوعات مستقلة كثيرة في البلاغة، إلا أنه لم يتوقف أبداً عند هذا الأسلوب. وجَلَّ ما ذكره هو الإشارة إليه إشارة عابرة في (باب الخبر والوصف في صورة الاستفهام)([117">). وإذا ما امتد بنا النظر لدراسة ما طرأ على هذا الأسلوب من تطورات بعد ابن فارس فسنرى أن عبد القاهر([118">) (ت 471 هـ) بذل عناية واضحة في دراسته، وكانت لـه نظرته الفاحصة الدقيقة في الحديث عن بعض أدوات الاستفهام، كالهمزة، مثلاً، وما يليها إن كان فعلاً أو اسماً والفروق بينهما، ومما يذكر له أنه كان دائماً ينبه على الفوائد البلاغية التي حققها هذا الأسلوب، لكنه مع كل هذا الجهد الذي بذله لم يفرد له مبحثاً مستقلاً، بل درسه ضمن أسلوب التقديم والتأخير. ونصل إلى السكاكي (ت 626 هـ) فنراه يتحدث حديثاً مفصلاً عن أسلوب الاستفهام، فيفرد له مبحثاً مستقلاً، ويجعله القانون الثاني من قانوني الطلب،ويتحدث عن أدواته ومعانيها، ويشير إلى المعاني المجازية فيذكر منها: الاستخفاف، والتحقير، والتعجب والتعجيب، والاستبطاء، والإنكار، والتهديد، و التوبيخ، والتنبيه، والتقرير([119">). وأطال الخطيب القرويني الوقوف عند هذا الأسلوب فأفرد له مبحثاً خاصاً ضمن أسلوب الإنشاء الطلبي في باب علم المعاني، نقل فيه ما قاله عبد القاهر والسكاكي، وناقشهما في بعض القضايا، ثم عرض لبعض المعاني المجازية لهذا الأسلوب، فكانت عنده: الاستبطاء، والتعجب، والتنبيه، و الوعيد، والأمر، والتقرير، والإنكار، والتهكم، والتحقير والتهويل، والاستبعاد، والتوبيخ والتعجيب([120">). وهذه المعاني التي ذكرها تعد من أبرز أغراض الاستفهام، وقد فرّع العلماء كثيراً منها، حتى بلغت عند السيوطي (31) غرضاً([121">). إضافات ابن فارس لأسلوب الاستفهام: 1 ـ أنه أفرد باباً مستقلاً، خاصاً بهذا الأسلوب، عرض فيه لأبرز القضايا التي تتعلق فيه، فتجنب بذلك ما وقع غيره فيه. عندما وزعوا مادة بحثهم على صفحات متباعدة متناثرة، يحتاج الباحث فيه إلى لمِّ شتاتها، وجمع ما تفرق منها ليكوّن عنه فكرة عامة، وفي هذا ما فيه من إضاعة للوقت والجهد، وإفساد للبلاغة. 2 ـ أنه أطلق له تعريفاً دقيقاً محكماً، وذكر التسمية الأخرى له (الاستخبار)، وفرّق بين التسميتين. 3 ـ أنه تجاوز سابقيه ومعاصريه من حيث عدد الأغراض البلاغية التي ذكروها، ومع أن هذه الأغراض كانت كثيرة في كتابه، لكن ما همنا منها هو ذاك الملحظ البلاغي الذي تمتع فيه في الكشف عما وراء السياق من أسرار. 4 ـ أنه لم يُسلم لأستاذه ابن قتيبة بكل ما جاء عنده، فلم يقف عند حدود ما وقف؛ بل تجاوزه من ناحيتين، الأولى: أنه خالفه في مسألة تنظيم الأبواب وتوزيعها، فعلى حين رأينا ابن قتيبة يجعل بحثه للاستفهام ضمن أسلوب عام هو "مخالفة ظاهر اللفظ معناه" نرى ابن فارس يعرض له ضمن الأسلوب العام الذي ينتمي إليه وهو علم المعاني، أو (معاني الكلام) كما سماه، وهذا يدل على حسن فهم للبلاغة ومجالاتها المختصة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه، وإن أفاد منه في معنى التعجب، عندما نقل أمثلته، غير أنه أهمل كل ما عدا ذلك في دراسة هذا الأسلوب. 5 ـ تناول ابن فارس قضايا استفهامية أخرى، منها ما ألحقها بباب الاستفهام، كوضع الاستفهام موضع الشرط، وحذف ألف الاستفهام([122">)، ومنها ما وزعه في كتابه وهو الحديث عن أدوات الاستفهام([123">) وفق ما اعتمده من ترتيبها حسب الأحرف الهجائية، وكان في معظم الأحيان لا يقنع بالوقوف عند معنى الأداة؛ بل يتجاوز ذلك للكشف عن معانيها المجازية. وقد يكون هذا مأخذاً عليه في أنه لم يضم هذه الأدوات إلى باب الاستفهام، لكنني لا أراه يلام في عمله هذا، فهو لم يؤلف كتابه لدرس البلاغة والتفصيل فيها، وإنما ألفه لبحث أمور أخرى، وموضوعات مختلفة. وبكلمة أخيرة أقول إن دراسته لأسلوب الاستفهام تعد مثمرة جداً في دراسة البلاغة، فهي تعد من أبرز المسائل التي وصلت إلينا، وأكثرها تكاملاً، فيما لو قارنا جهوده بجهود من أتوا قبله وبعض من أتى بعده، باستثناء أن المتأخرين عرضوا لأدوات الاستفهام بشيء من التفصيل، فبينوا أنواعها ومعانيها، وما يطلب منها التصور، وما يطلب منها التصديق، وتوسعوا في تناول هذه الأغراض ليس أكثر من ذلك. المصادر والمراجع: ـ الأتابكي، يوسف بن تعزي بردي، النجوم الزاهرة، قدم له محمد حسين شمس الدين، ط 1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1413هـ ـ 1992م. ـ البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنا، د. ت. ـ البوشيخي، الشاهد، مصطلحات نقدية وبلاغية في كتاب البيان والتبيين للجاحظ، منشورات دار الآفاق الجديدة، ط 1، 1402هـ ـ 1982م. ـ الجرجاني، عبد القاهر، دلائل الإعجاز، تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، ط عيسى البابي الحلبي، القاهرة، د. ت. ـ ابن جعفر، قدامة، نقد الشعر، تحقيق محمد عبد المنعم خفاجي، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، د. ت. ـ جمعة، حسين، جمالية الخبر والإنشاء، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق 2005م. ـ الجندي، درويش، علم المعاني، دار النهضة مصر، د.ت. ـ ابن جني، أبو الفتح عثمان، الخصائص، تحقيق محمد علي النجار، ط 2، دار الهدى ـ بيروت ـ لبنان، د. ت. ـ ابن جني، أبو الفتح عثمان، المحتسب، تحقيق علي النجدي ناصف، وعبد الفتاح إسماعيل شلبي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، القاهرة، 1389 هـ 1969م. ـ ابن الحاجب، عثمان بن عمر، الكافية في النحو، شرح محمد بن الحسن الأستراباذي، دار الكتب العلمية، بيروت، 1985م. ـ الحموي، ياقوت، معجم الأدباء، تحقيق، البحر المحيط، عناية زهير جعيد، دار الفكر، بيروت، 1412هـ ـ 1999م. ـ أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف، البحر المحيط، عناية زهير جعيد، دار الفكر، بيروت، 1412هـ ـ 1992م. ـ ابن خالويه، الحسين بن أحمد، الحجة في القراءات السبع، تحقيق د. عبد العال سالم مكرم، مؤسسة الرسالة، ط 6، 1417هـ ـ 1996م. ـ ابن خلكان، أحمد بن محمد بن أبي بكر، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق د. إحسان عباس، دار صادر، 1397 هـ ـ 1977م. ـ الرمّاني، علي بن عيسى، النكت في إعجاز القرآن، ضمن ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، تحقيق محمد خلف الله ومحمد زغلول سلام، دار المعارف، مصر، 1387هـ ـ 1968م. ـ الزركشي، محمد بن عبد الله، البرهان في علوم القرآن، تحقيق د. يوسف المرعشلي وآخرون، دار المعرفة، بيروت، ط 1415، 2 هـ ـ 1964م. ـ الزمخشري، محمد بن عمر، الكشاف، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، مكتبة العبيكان، الرياض ـ السعودية، ط 1، 1418هـ. ـ أبو السعود، محمد بن محمد العمادي، تفسير أبي السعود، المسمى (إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم)، دار إحياء التراث، بيروت ـ لبنان، د. ت. ـ السكاكي، يوسف بن محمد بن علي، مفتاح العلوم، تحقيق د. عبد الحميد هنداوي، ط 1، دار الكتب العلمية ـ بيروت، 1420هـ ـ 2000م. ـ سيبويه، عمرو بن عثمان بن قنبر، الكتاب، تحقيق عبد السلام محمد هارون، ط 3، مكتبة الخانجي، القاهرة، 1408هـ ـ 1988م. ـ السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن، الإتقان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، مكتبة دار التراث، القاهرة، د. ت. ـ السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، مطبعة عيسى البابي، ط1، 1384 هـ 1964م. ـ الطبري، ابن جرير، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار الفكر، 1408هـ ـ 1988م. ـ أبو عبيدة، معمر بن المثنى، مجاز القرآن، تحقيق د. محمد فؤاد سركين، مكتبة الخانجي، د. ت. ـ العسكري، أبو هلال، الصناعيتين، تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، ط عيسى البابي الحلبي ـ القاهرة، د.ت. ـ ابن عطية، أبو محمد عبد الحق الأندلسي، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تحقيق عبد الله بن إبراهيم الأنصاري والسيد عبد العال إبراهيم، ط1، الدوحة، 1402هـ ـ 1982م. ـ ابن فارس، أحمد الصاحبي، تحقيق السيد أحمد صقر، ط مطبعة عيسى البابي الحلبي ـ القاهرة، د. ت. ـ الفراء، يحيى بن زياد، معاني القرآن، تحقيق د. عبد الفتاح شلبي، الدار المصرية للتأليف والترجمة، د. ت. ـ ابن قتيبة، محمد بن عبد الله بن مسلم، أدب الكاتب، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، ط 4، مطبعة السعادة، مصر، 1382هـ ـ 1963م. ـ ابن قتيبة، محمد بن عبد الله مسلم، تأويل مشكل القرآن، شرح ونشر السيد أحمد صقر، ط 3، المكتبة العلمية ـ بيروت، 1401هـ 1981م. ـ القرطبي، محمد بن أحمد الأنصاري، الجامع لأحكام القرآن، مراجعة صدقي محمد جميل وعرفان العشا، دار الفكر، بيروت، 1415 هـ ـ 1995م. ـ القزويني، جلال الدين محمد بن سعد الدين بعد عبد الرحمن، الإيضاح، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، د.ت. ـ المبرد، محمد بن يزيد، الكامل، تحقيق د. محمد أحمد الدالي، مؤسسة الرسالة، ط 3، 1418هـ ـ 1997م. ـ المبرد، محمد بن يزيد، المقتضب، تحقيق محمد عبد الخالق عضيمة، عالم الكتب، د.ت. ـ المرادي، الحسن بن قاسم، الجنى الداني، تحقيق فخر الدين قباوه، ومحمد نديم فاضل، الكتبة العربية، حلب، ط 1، 1393هـ ـ 1973م. ـ ابن المعتز، عبد الله، البديع، تحقيق محمد عبد المنعم خفاجي، دار الجليل، بيروت، ط 1، 1410هـ ـ 1990م. ـ ابن منظور، لسان العرب، تصحيح أمين عبد الوهاب ومحمد العبيدي، ط 1، دار إحياء التراث العربي، بيروت 1416هـ ـ 1996م. ـ ابن هشام، جمال الدين الأنصاري، تحقيق د. مازن المبارك ومحمد علي حمد الله، ط 5، دار الفكر، بيروت، 1979م. ـ يوسف، حسين عبد الجليل، أساليب الاستفهام في الشعر الجاهلي، دار الثقافة، القاهرة، د.ت. ------------------- * مدرسة في قسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة دمشق. ([1">) هو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، من كبار المصنفين في القرن الرابع الهجري، أغنى مكتبة العرب بآثار كثيرة في مختلف العلوم، حاز شهرته كنحوي لغوي، وذلك بفضل مؤلفاته في النحو واللغة، كالصاحبي، ومقاييس اللغة، والمجمل في اللغة وغيرها. وكتابه (الصاحبي) هو آخر ما ألفه، وهو معدود في أهم المصادر التي يرجع إليها الباحثون في أصول الدراسة اللغوية. انظر في ترجمته: إنباه الرواة 1/127 ـ 130، و تاريخ بغداد 7/275 ـ 276، ووفيات الأعيان 1/118 ـ 120، والنجوم الزاهرة 4/213، وبغية الوعاة 1/352، ومعجم الأدباء 2/56 ـ 68. ([2">) لسان العرب: مادة (فهم).

تعليقات