التعريف بابن المعتز:
عبد الله بن المعتز بالله
هو أحد خلفاء الدولة العباسية، وكنيته أبو العباس، ولد عام (247 هـ، 861م)، في
بغداد، وكان أديبا وشاعرًا، ويسمى خليفة يوم وليلة، حيث آلت الخلافة العباسية
إليه، ولُقِّب بالمرتضى بالله، ولم يلبث يوما واحدا حتى هجم عليه غلمان المقتدر
بالله وقتلوه في عام (296 هـ،909م)، وأخذ الخلافة من بعده المقتدر بالله. ولقد
رثاه الكثير من شعراء العرب.
ولابن المعتز منزلة كبيرة
في البيان العربي؛ فقد ألَّف فيه كتابه "البديع"، الذي عدَّد فيه شتى
أساليب البديع ومحاسن الشعر كما عرفها ابن المعتز وعصره.
كتاب البديع:
ألَّف ابن الخليفة ابن
المعتز العباسي كتاب البديع في القرن الثالث الهجري، حاول فيه جمع غير قليل من
أبواب البلاغة، مع التمثيل عليها، فحصر كتابه في خمسة مباحث، لكنه أشار إلى أنّ
هذه المباحث ليست كل أبواب علم البلاغة.
فبذلك يظهر لنا أن كتاب
البديع لا يحتوي بداخله أبواب علم البديع المعروفة اليوم، والتي وضعها وصنفها
السكاكي في كتابه مفتاح العلوم، وإنما ضمّ هذا الكتاب أبوابًا من مختلف علوم
البلاغة كعلم البيان، وعلم المعاني، وعلم البديع، ولعل هذا الأمر جاء نتيجة عدم
نضوج مصطلحات هذه العلوم، فكان لفظ البديع يُستعمل للدلالة على علم البلاغة كاملا،
وليس على المحسنات اللفظية والمعنوية كما هو الحل في تقسيمها اليوم.
فالكتاب ليس قاصرًا على
البديع بالمعنى الضيق المحدود؛ لأن ابن المعتز يذكر فيه الكناية والاستعارة
والتشبيه، وهي من صميم البيان العربي، ويذكر فيه الكناية ولكنه يريد بها معناها
اللغوي وهو أعم من المعنى الاصطلاحي المعروف.
فإذا قلنا: إن ابن المعتز ألَّف في
البيان؛ فقد سرنا مع الحق والتفكير السليم، وإذا
قلنا: إنه ألف في البديع؛ فقد ضيقنا دائرة البحث بغير مبرِّر، وإن كان البديع في
الاصطلاح المتأخر جزءًا من البيان، وإن كان البديع بالمعنى القديم المعروف عند بعض
علماء البلاغة يرادف كلمة البيان أو البلاغة.
سبب تأليف كتاب البديع لابن
المعتز:
جاء كتاب علم البديع ردًّا
على الحركة الشعوبية التي قام بها أصحاب الأصول الفارسية، وهي حركة تسعى إلى تمجيد
تراث فارس، واحتقار العرب ونتاجهم، فادّعوا أن ليس للعرب نتاج أدبي ولا بلاغي
أصيل، وأن كل ما قدمه العرب في شعر ونثر هو نتيجة انتفاعهم بتراث الفرس، فليس
للعرب حسب ادعائهم أي تراث بلاغي، وكل ما عرفوه في أبواب علم البلاغة جاء من عند
الفرس.
وقد حاول ابن المعتز أن
يرد على هذا القول والافتراء، وأن يثبت جدارة العرب في مجال الأدب والبلاغة، فأشار
إلى غير قليل من الشواهد في القرآن الكريم، والشعر وكلام العرب، مما تضمن أمثلة
على الأساليب البلاغية من استعارة ومجاز وكناية وغيرها من الأساليب البلاغية،
ووضحها وكشف عن فنون استعمالها، فالعرب لهم بلاغتهم الجمالية التي اختص أدبهم بها
وتميز عن التراث الفارسي.
لكن ابن المعتز في كتابه
لم يكن له منهجية واضحة ومطردة، فقد كان يورد الشواهد والأمثلة من غير انتظام،
فعندما يورد الشاهد لم يكن ملتزمًا بشرحه أو لا، فكان يشرح بعض الأمثلة، ويتجاوز
عن أخرى، أما في الأبواب التي ذكرها بعد المباحث الخمس، كانت شواهده قليلة مقارنة
مع المباحث الأولى.
أبواب كتاب البديع لابن
المعتز:
تألّف كتاب البديع من خمسة مباحث بلاغية، هي: الاستعارة، والجناس، والمطابقة، ورد عجز الكلام على إصداره، والمذهب الكلامي.
ثمّ ذكر ثلاثة عشر بابًا فرعيًّا بعد المباحث الخمسة
الرئيسة، ووصفها ابن المعتز بأنها بعض محاسن الكلام والشعر، وهي: الالتفات،
والرجوع، وحسن الخروج من معنى إلى معنى، وتأكيد المد بما يشبه الذم، وتجاهل
العارف، وهزل يراد به الجد، وحسن التضمين، والتعريض والكناية، والإفراط في الصف،
وحسن التشبيه، وإعنات الشاعر نفسه في القوافي وتكلفه من ذلك ما ليس له، وحسن
الابتداء، واعتراض كلام في كلام لم يُتم الشاعر معناه.
***
تحميل الكتاب البديع لعبد الله ابن المعتز pdf