أدوات التشبيه وأنواعها وشواهدها من القرآن الكريم


أدوات التشبيه

أدوات التشبيه إما أن تكون حروفا، أو أسماء أو أفعالا:

أدوات التشبيه من الحروف هي الكاف وكأن:

1- (الكاف) الجارة، وهي أصل أدوات التشبيه، وأكثرها استعمالا لخفتها ووجازتها فهي حرف واحد لا تركيب فيه، ويليها الْمُشَبَّه به لَفْظًا. مثال ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث أبي موسى الأشعري: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ"، وقول البوصيري:

والنَّفْسُ كالطِّفل إن تُهْمله شَبَّ على     حُبِّ الرضاع وإن تفطمه ينفطم

وقد يليها المشبه به تقديرا كقوله تعالي: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنْ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 19] فالكاف في (كصيب) لم تدخل علي المشبه به لفظا بل تقديرا، إذ المراد: كمثل ذوي صيب من السماء، وإنما قدر المشبه به لأن الضمائر في قوله: (يجعلون أصابعهم في آذانهم) أحوجت إلي تقدير المعاد وهو ذوي، فلما فتح باب التقدير قدر المثل قبله ليناسب قوله تعالي: (كمثل الذي استوقد نارا).

وقد يلي الكاف غير المشبه به مما له دخل فيه إذا كان المشبه مُركَّبا كقوله تعالي: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا﴾ [الكهف: 45]، إذ ليس المراد تشبيه حال الدنيا بالماء ولا بمفرد آخر يتمحل لتقديره، بل المراد تشبيه حالها في نضرتها وبهجتها وما يتعقبها من الهلاك والفناء بحال النبات يكون أخضر وارقًا ثم يهيج فتطيره الرياح كأن لم يكن، ووجه الشبه: وجود الهلاك والتلف بأثر الإعجاب والاستحسان والانتفاع.

وتتميز الكاف عن غيرها بإمكان الإتيان بها في التشبيه لجميع الأغراض التي ذكرها البلاغيون من بيان الحال، ومقدارها، وتقريرها، وإمكان المشبه، وتزيينه وتقبيحه، واستطرافه، أما الكلمات الأخرى فإنه لا يطرد إفادة جميع الأغراض بها؛ لاختصاص كل منها بمعنى تدل عليه يناسب بعض الأغراض دون بعضها الآخر.

2- (كأن) والأصل فيها أن يليها المشبه، كقوله تعالي: ﴿وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ * كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُون﴾ [الصافات 48، 49] فقد وصف نساء أهل الجنة بحسن العيون الناظرة إلى أزواجها، وشبههن بالبيض المكنون على عادة العرب في وصف وتشبيه من اشتد حجابه، وتزايد ستره، بأنه بعيد عن التبرج، ومنعة من الاستهتار.

والسؤال: هل (كأن) للتشبيه مطلقًا؟

الجواب: تأتي (كأن) لأربعة معان: التشبيه، والظن، والتحقيق والتقريب، والمشهور المتفق عليه عند الجمهور أن (كأن) تفيد التشبيه مطلقا، ولا معنى لها غيره عند البصريين، ويؤولون الأمثلة التي قيل إن (كأن) فيها تفيد معنى آخر ويرجعونها إلى التشبيه.

اشترط الكوفيون والزجاج وابن السيد وابن الطراوة لإفادة (كأن) التشبيه أن يكون خبرها اسمًا جامدا، فإن كان وصفًا مشتقا كقولك: (كأن عمرا قائم) لم تكن للتشبيه؛ وإنما تفيد الظن أو الشك. والجمهور على أنها تفيد التشبيه على تقدير: (كأن عمرا شخص قائم) أي من أفراد.

***

الفرق بين الكاف وكأن في التشبيه:

ذكرنا أن الكاف هي أصل أدوات التشبيه، وأكثرها استعمالا لخفتها ووجازتها فهي حرف واحد لا تركيب فيه، ويليها الْمُشَبَّه به لَفْظًا أو تقديرا. أما (كأن) فالأصل فيها أن يليها المشبه.

وتأتي (الكاف) لجميع الأغراض التي ذكرها البلاغيون من بيان الحال، ومقدارها، وتقريرها، وإمكان المشبه، وتزيينه وتقبيحه، واستطرافه، أما الكلمات الأخرى فإنه لا يطرد إفادة جميع الأغراض بها؛ لاختصاص كل منها بمعنى تدل عليه يناسب بعض الأغراض دون بعضها الآخر. أما (كأنَّ) لأربعة معان: التشبيه، والظن، والتحقيق والتقريب.

واتفق علماء البلاغة على أن (كأن) أقوى من (الكاف) في الدلالة على التشبيه ففيها من المبالغة والتأكيد ما لا يكون مع (الكاف)، فتستعمل (كأن) حيث يقوى الشبه حتى يكاد الرائي يشك أن المشبه هو المشبه به لا غيره. ومن هذا جاء قوله تعالى في قصة ملكة سبأ مع نبي الله سليمان: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ﴾ [النمل: 42] إنها مفاجأة عجيبة لا تخطر لها على بال ولا على أحد من أعضاء وفدها، فالعرش هو العرش، فكيف، ومتى، ومن؟

وآثر التعبير في النظم القرآني بأداة الاستفهام وحرف التنبيه، وكاف التشبيه، واسم الإشارة، في قوله تعالى: {أَهَكَذَا} للزيادة في التمويه عليها بجعل العرش المشار إليه غير عرشها ولكنه قد يشبهه، ولو قيل: أهذا عرشك؟ لكان في هذه العبارة إيحاء لها بأنه عرشها وتَلْقِينًا لها بالجواب، فيفوت ما هو المقصود من الأمر بالتنكير من إبراز العرش في معرض الإشكال والاشتباه حتى يتبيَّن لديه عليه السلام حالها ودِقَّة ملاحظتها. فأجابت بهذا الجواب الحكيم {قالت كأنه هو} وعدلت عن أن تقول: (هو) أو (ليس هو) أو (هكذا) إلى النظم البليغ الذي يحتمل التصديق والنفي.

***

وهناك بعض الأسماء والأفعال التي تدل على التشبيه، واعتبارها من أدوات التشبيه من باب التسامح، وذلك لأن حقيقتها الحكم بالمماثلة والمشابهة والمشاكلة والمضارعة إلى غير ذلك، أو على سبيل التوسع في حقيقة التشبيه أو في الأداة.

الأسماء التي تفيد الحكم بالمشابهة وهي:

1- مادة (مثل): كلمة (مثل) والمعنى الذي تدل عليه كون المحكوم عليه بالمماثلة متفقًا مع ما يُماثله في جميع الجهات التي يصير بالاتفاق معه فيها على مثاله، فيكونان جنسًا واحدًا يسد أحدهما مسد الآخر. يدل على ذلك في مجيء هذه المادة للدلالة على الاتفاق في الصورة جنسًا وصفة قوله تعالى في قصة مريم: ﴿فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾ [مريم: 17]، أي: في صورة رجل من بني آدم معتدل الخلق.

أمثله على ذلك:

قوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ [البقرة: 233]. فقوله: (وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ) أي المماثلة في جنس الواجب من الرزق والكسوة.

وقوله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾ [يونس: 102]. فالمعنى: هل يبقى هؤلاء الكافرين مصرين على كفرهم لا يصرفهم عن ذلك إلا أن يصيبهم الله بأيام من جنس ما أصاب به الأمم السابقة. فالمماثلة في جنس هذه الأيام بما لهذا الجنس من خصائص العذاب والشِّدة.

وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [البقرة: 23]، في الآية تحد للكافرين بأن يأتوا بكلام من جنس الكلام الذي يقرؤه محمد صلى الله عليه وسلم في عربيته التي يملكون ناصيتها ودقة تراكيبه ومعانيه ويساويه في علو بلاغته وفصاحته، لكي تصح لهم دعواهم بأنه افتراه واختلقه، فالمثلية هنا تامة، لأنها في الجنس بما له من صفات يدل عليها مقام التحدي.

2- مادة (شبه): الأصل في مادة (شبه) الدلالة على المشاركة في الصور والكيفيات المشاهدة. وأصل استعماله فيما يشاهد بأن يكون الطرفان حسيين. ومما يشهد لذلك قوله تعالى: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ﴾ [النساء: 157]. فقد أرجع المفسرون معنى (شُبِّه) إلى الشبه في الحس المشاهد. وتُستخدم صيغة (شبيه) تكون بين المتفقين في الجنس.

3- مادة (ند): تدل مادة (ند) بتصاريفها المختلفة على عدة معاني، ومنها أنها تفيد الحكم بالمماثلة والمشابهة؛ لأن بين الندين تضادًا وإن اتصفا بصفة واحدة، وهذه الكلمة لم تأت في القرآن الكريم إلا بصيغة الجمع، ومنه قوله تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُون﴾ [البقرة: 22].

4- مادة (كفء): تدل تصاريف هذه المادة على المساواة وعدم مجاوزة حد المثل، وكل شيء ساوى شيئًا فهو مكافئ له. ومنه قوله تعالى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 4]. فالآية تدل على تفرُّد الله جل وعلا في الذات والصفات ونفي المجانسة والمشابهة مع غيره.

5- مادة (شكل): وقد ورد منه في القرآن صيغتين، الأولى قوله تعالى: {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} [ص: 58]، فبعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى من أنواع العذاب التي تُصيب الكافرين كالحميم والغساق أخبر جل وعلا أن فيه أنواعًا أخرى على شكل الغساق وصفته المشاهدة. 

والثانية: صيغة (شاكلة) ومنه قوله تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} [الإسراء: 84]. أي على سجيته وطريقته التي تشاكل حاله في الهدى والضلالة.

6- مادة (عدل): ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ} [المائدة: 95]. فلفظ عدل في قوله (أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا) جعل الله عز وجل التكفير بالصوم معادلا ومساويًا لما قتل من النعم، أي قيمته أو قيمة طعام المساكين.

ومنه قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1] أي يسوون به غيره ويجعلونه مثله في العبادة.

7- ويكون المصدر أداة من أدوات التشبيه أيضا:

مثل: (أَقْدَمَ إِقْدَام الأسد)، و (فاض فَيْضَ البحر)، و(طلع طُلوع النَّجم)، و (مرق مروق السهم). قال عنه ابن الأثير هو أحسن ما استعمل في باب التشبيه.

***

والأفعال التي تفيد الحكم بالمشابهة هي:

1- جعل، ومنه قوله تعالى: {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ} [الأنبياء: 15]، فقد شبههم بعد حلول العذاب بهم بالحصيد أولا وهو الزرع المحصود، ووجه الشبه بين المشبه والمشبه به هو الاستئصال من المنابت ثم شبههم ثانيا بالنار المنطفئة ولم يبق منها إلا جمر منطفئ لا نفع فيه ولا قابلية لشيء من النفع منه فلا ترى إلا أشلاء متناثرة وأجزاء متفرقة قد تمددت وقدران عليها البلى.

ومنه قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا} [الفرقان: 47]، والمراد أنه تعالى: شبه الليل من حيث أنه يستر الإنسان باللباس الساتر للبدن.

2- يُشْبِه ويشابه: ومنه قوله تعالى: {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} [البقرة: 70]. وتُستعمل صيغة (تشابه) عند الحكم بوقوع المشابهة من الطرفين كل للآخر.

3- يُضَاهِي: ذكر صاحب العين وغيره من أهل اللغة أن هذه المادة بالهمزة وغيرها، يقال: ضاهأت الرجل، وضاهيته أي شابهته، يهمز ولا يهمز، وقُرئ بهما قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ [التوبة: 30]. أي: يُشَابهون قول الّذين كفروا من قبلهم من الأمم ضلوا كما ضل هؤلاء قاتلهم الله.

4- يُضَارِعُ: المضارعة هي في اللغة المشابهة.

5- حَسِبَ، ومنه قوله تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا} [الإنسان: 19].

6- خال، ويُخيَّل، ومنه قوله تعالى: {قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} [طه: 65، 66].

7- مادة (ساوى)، ومنه قوله تعالى: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 97، 98]. والمعنى تالله لقد كنا في غاية الضلال المبين وقت تسويتنا إياكم يا هذه الأصنام برب العالمين في استحقاق العبادة وأنتم أذل المخلوقات وأعجزهم. وتدور أكثر صيغ هذه المادة (ساوى) حول معنى الاعتدال والاستقامة أو قريب من ذلك. وحقيقة المساوي ما يُشارك في الكمية ويتساوى في المقدار.

***

-   التشبيه بالكاف يفيد تشبيه الصفات بعضها ببعض، والتشبيه بالمثل يفيد تشبيه الذوات بعضها ببعض.

-   يؤتى في التشبيه القريب بنحو (علمت زيدًا أسدًا) الدال على التحقيق، وفي البعيد بنحو (حسبت زيدًا أسدًا) الدال على الظن وعدم التحقيق.

-   ما كان من التشبيه صادقًا قلت فيه كأنه أو ككذا، وما قارب الصدق قلت فيه: تراه أو تخاله أو يكاد.

-   الند فيما يشارك في الجوهر فقط، والشبه فيما يشارك في الكيفية، والمساوي يقال فيما يشارك في الكمية، والشكل فيما يشاركه في القدر والمساحة فقط، والمثل في جميع ذلك، ولهذا لما أرد الله تعالى نفي التشبيه من كل وجه خصَّه بالذكر فقال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: 11].

***

مراتب التشبيه:

1- أن يذكر التشبيه بجميع أركانه، وهو أضعف ألوان التشبيه.

2- ترك أداة التشبيه فقط مع بقاء المشبه والمشبه به ووجه الشبه. كقولك: زيد أسد في الشجاعة، ففيه نوع من المبالغة، حيث أوهم أن المشبه هو عين المشبه به.

3- ترك وجه الشبه فقط، مثل: زيد كالأسد، وفيه نوع من المبالغة والقوة.

4- ترك الأداة ووجه الشبه، كقولك: (زيد أسد) وهذا الضرب أقوى ألوان التشبيه، فحذف الأداة ينبئ عن التطابق بين الطرفين، وحذف الوجه ينبئ عن الشمول في الصفات، فقد اجتمعت القوتان، لذلك يسمى هذا التشبيه بليغا.

                                                        ***

تكرار التشبيه:

نجد في بعض العبارات تكرارًا لأداة التشبيه يقتضيها المقام، وذلك بأن يكون المشبه متعدد الجوانب متداخل الأوصاف

ومنه قوله تعالى: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} [المرسلات: 32، 33]. شبّه سبحانه الشرر بالقصر في عظمه وكبره، وشبّهه ثانيا بالجمالة (وهي النوق) الصفر في الهيئة واللون والكثرة والتتابع وسرعة الحركة.

***

إرسال تعليق


أحدث أقدم