علم المعاني: تعريفه وأبوابه وفائدته





تعريف علم المعاني

هو عِلْمٌ يُعْرَفُ به أحوال اللفظ العربي التي بها يُطَابِقُ مقتضى الحال.

 

أحوال اللفظ العربي

للفظ العربي أحوال كثيرة، مثل: الذكر والحذف، والتعريف والتنكير، والإظهار والإضمار، والتقديم والتأخير، والإيجاز والإطناب والمساواة.

والحالُ: هو الأمر الداعي للمتكلم إلى إيراد خصوصية في الكلام زائدة على أصل المعنى، وتلك الخصوصية هي مقتضى الحال، فمثلا إذا إن كان بينك وبين مخاطَبَك عهد بشيء، فالعهد حال يقتضي إيراد الكلام معرَّفًا، والتعريف هو مقتضى الحال.

والْمُنْكِرُ يُلْقَى إليه الكلام مُؤكَّدًا، أمَّا خالي الذهن فيُلْقَى إليه الكلام خاليًا التأكيد، كما أن ذَكَاءُ المُخاطَب حال تَقتضي إيجاز القول، فإذا أوَجزتَ في خطابه كان كلامك مُطَابقًا لمقتضى الحال، وغبَاوته حالٌ تقتضي الإطناب والإطالة، فإذا جاء كلامك في مخاطبته مطنبًا فهو مطابق لمُقتضَى الحال، ويكون كلامك في الحالين بليغا، وَلو أنك عكست لانتفت من كلامك صفة البلاغة.

وخلاصة الكلام أن الحال -أي: المقام الذي ورد فيه الكلام- هي الأمر الحاملُ للمتكلم على أن يورد في كلامه شيئًا خاصًا، زائدًا على أصل المعنى. ومقتضى الحال: هو ذلك الشيء الخاص الذي ورد في كلام المتكلم. ومطابقة الكلام لمقتضى الحال: هي اشتماله على ذلك الشيء الخاص.

وهذه الأحوال هي التي نسميها الخصائص، أو الكيفيات أو الهيئات، فيبحث علمُ المعاني في أحوال اللفظ العربي، ويتبيَّن كيف تكون هذه الأحوال واقعة في الكلام موقعًا يُطَابِقُ دواعي النفس، ولم تأت زائدة ثقيلة، ولا متكلفة كريهة.

وإن كان علم النحو قد درس هذه الأحوال، أعني: الحذف والذكر وغيرها، إلا أن دراسته لها تناولت جهة أخرى، فهو يُبيِّن جواز التقديم وامتناعه، ووجوبه، وجواز الحذف وامتناعه ووجوبه، وأنواع التعريف وأحكام التنكير، ولم يتناولها من حيث وقوعها مطلبًا بيانيًّا يقتضيه المقام ويدعو إليه الحال، كما هو الحال في تناول علم المعاني لهذه الأحوال.

 

أبواب علم المعاني

حصر البلاغيون أبواب هذا علم المعاني في ثمانية، وهي:

أحوال الإسناد الخبري - أحوال المسند إليه - أحوال المسند - أحوال متعلقات الفعل – القصر – الإنشاء - الفصل والوصل - الإيجاز والإطناب.


أسباب حصر علم المعاني في هذه الأبواب الثمانية

سبب حصر علماء البلاغة علم المعاني في هذه الأبواب الثمانية، أن هذه الأبواب قد تولَّدت من جولان نظرهم في العبارة، وارتباط بعضها ببعض ارتباط وثيقًا، فقد وجدوا أن الجملة تتكون من مسند إليه، ومسند، وإسناد، فهذه ثلاثة أبواب.

وإذا كان المسند فعلا، أو شبهه تعلَّق به كلام آخر له أحوال، فهذا هو باب أحوال مُتعلَّقات الفعل، وقد يرد الكلام على طريقة القصر، ثم إن علاقة الجملة بالجملة قد تقتضي وصلها بها أو فصلها عنها، فهذا باب سادس، ثم إن مجموع الجمل يُنْظَرُ ليها من ناحية طولها، أو قصرها بالنسبة للمعنى، أعني: وجازتها، أو إطنابها فهذا باب سابع، وقد يكون الكلام على طريقة الإنشاء، أي: ليست له نسبة تُطَابِقُه أو لا تطابقه كالأمر، والنهي فهذا باب ثامن.

وعلى هذا فانحصار هذا علم المعاني في الأبواب الثمانية من قبيل انحصار الكل في أجزائه.

 

فائدة علم المعاني

إن فائدة علم المعاني تكمن فيما يلي:

1- معرفة إعجاز القرآن الكريم، من جهة ما خصَّه الله به من جودة السبَّك، وحُسن الوصف، وبَراعة التَّراكيب، ولُطف الإيجاز، وما اشتمل عليه من سُهولة الترَّكيب، وجزالة كلماته، وعُذوبِة ألفاظه وسلامتها، إلى غير ذلك من محاسنه التي أقعدت العرب عن مُنَاهضته، وحارتَ عقولهُم أمام فصاحته وبلاغته.

2- الوقوف على أسرار البلاغة والفصاحة: في مَنثور كلام العرب ومنظومه كي تحتذيَ حذوه، وتَنسُجَ على منواله، وتَفرقَ بين جَيِّد الكلام وَردِيئه.

***

إرسال تعليق


أحدث أقدم
document.querySelector('.button').addEventListener('click', function() { alert('مرحبًا في طريق التعلم!'); });