الفصاحة والبلاغة والعلاقة بينهما


تعريف الفصاحة:

الفاء والصاد والحاء أَصْلٌ يَدُلُّ على خُلوصٍ في شيءٍ ونقاء من الشَّوب، من ذلك: اللِّسَانُ الفَصِيحُ: الطَّلِيقُ، والكَلامُ الفَصِيحُ: العربيّ، والأصلُ (أفْصَحَ اللَّ‍بَنُ) أي: سَكَنَتْ رَغوتُه، و(أفْصَحَ الرَّجلُ) تكلَّم بالعربيَّة. و(فَصُح الرَّجل) جادت لغتُه حتَّى لا يلحَنُ، ويقولون: أفصَحَ الصُّبحُ، إذا بدا ضوؤُه، قالوا: وكلُّ واضحٍ مُفْصِحٌ، فالفصاحة تدور حول معنى: الظهور والبيان، فكل ما وضح فقد أفصح.

الفصاحة في القرآن الكريم والسنة النبوية: 

ورد لفظ الفصاحة وما يتصل بها في القرآن الكريم، قال الله -عز وجل- حكاية عن سيدنا موسى -عليه السلام-: ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا [القصص: 34]، يعني: أبين مني قولًا، إذًا الفصاحة تأتي في اللغة بمعنى الإبانة.

كما جاءت هذه اللفظة أيضا في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أنا أفصح العرب بيد أنّي من قريش». قال العجلوني عن هذا الحديث: «أورده أصحاب الغرائب، وَلَا يُعْلَمُ مَنْ أَخْرَجَهُ، ولا إِسْنَادُه». ينظر: كشف الخفاء (1/228).

ومعنى لفظة الفصاحة الوارد في كتاب الله -عز وجل- وحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يخرج عن معناها اللغوي، وهو: الظهور والبيان.

الفصاحة في الدراسات البلاغية:

حينما دخلت هذه اللفظة في الدراسات البلاغية والنقدية ارتبطت بلفظة البلاغة، وأصبح البلاغيون لا يفرّقون بينهما في المرحلة الأولى من التأليف، ثم بعد ذلك فرَّقوا بينهما، فقالوا: إن الفصاحة هي قُوَّةُ العبارة، ونصاعة البيان، وحُسن التعبير.

ويوصف بالفصاحة: الكلمة، والكلام، والمتكلم، تقول: كلمة فصيحة، وكلام فصيح، ومتكلم فصيح.

تعريف البلاغة:

البلاغة هي: إصابة المعنى وإدراك الغرض بألفاظ سهلة عذبة سليمة من التكلُّف، لا تبلغ القدر الزائد على الحاجة، ولا تنقص نقصًا يقف دون الغاية، فإن اتفق مع هذا معنى لطيف أو حكمة غريبة أو أدب حسن، فذلك يزيد في بهاء الكلام، وإن لم يتفق فقد قام الكلام بنفسه واستغنى عما سواه.

ويوصف بالبلاغة: الكلام والمتكلم، ولا توصف بها الكلمة، تقول: كلام بليغ، ومتكلم بليغ، ولا يقال في كلمة واحدة لا تدلُّ على معنى يفضل عن مثلها بليغة، وإن قيل فيها فصيحة.

العلاقة بين الفصاحة البلاغة:

العلاقة بينهما: أن كل كلام بليغ فصيحٌ، وليس كل كلام فصيح بليغًا، وكل من يوصف بالبلاغة يوصف بالفصاحة؛ لأن شرط البليغ أن يكون فصيحًا.

الفرق بين الفصاحة والبلاغة:

أن الفصاحة مقصورة على اللفظ، والبلاغة مقصورة على المعنى، واعتبر بعض العلماء البلاغة وصفًا للألفاظ مع المعاني.

                                          ***

تعليقات