من بلاغة الالتفات في القرآن الكريم
ماهو الالتفات : تحويل الوجه عن أصل وضعه الطبيعيّ إلى
وضْعٍ آخر.
وفي اصطلاح البلاغيين: التحويل في التعبير الكلامي من
اتجاهٍ إلى آخر من جهات أو طُرُق الكلام الثلاث (التكلّم -والخطاب –والغيبة) مع
أنّ الظاهر في متابعة الكلام يقتضي الاستمرار على ملازمة التعبير وفق الطريقة
المختارة أوّلًا دون التحوّل عنها.
وهو فنٌّ بديعٌّ من فنون القول يُشْبِهُهُ تحريكٌ آلات التصوير السينمائي بنقلها من مشهد إلى مشهد آخر في المختلفات والمتباعدات الّتي يُرادُ عَرْضُ صُوَرٍ مِنْها، ومفاجأة الْمُشَاهِدِ بلَقَطاتٍ مِنْها متباعدات،
ولكنَّها تدخُلُ في الإِطار الْكُلّي الذي يُراد عرض طائفةٍ من مشاهده تدلُّ على ما يُقْصد الإِعلام به. ويَهْدِي الذوقُ الأدبيُّ السليم إلى استخدام الالتفات استخدامًا بارعًا يُحَقِّق به البليغ فوائد في نفس المتَلَقِّي
أو فكره، مع ما يُحِقِّق به من الاقتصاد والإِيجاز في العبارة.
ويُلَقّبُ الالتِفاتُ بشجاعة العربيّة، على معنى أنَّ الْبُلَغَاء مِنْ ناطقي العربية كانت لديهم شجاعةٌ أدبيَّةٌ بيانيّة استطاعوا بها أن يفاجئوا المتلقّي بالتَّنقُّل بَيْن طُرُقِ الكلام الثلاثة (التكلُّم -والخطاب –والْغَيْبة)
مشيرين بذلك إلى أغراضٍ بلاغيَّة يريدون التنبيه عليها بذلك.
امثلة عن الالتفات فى البلاغة
وينقسم الالتفات إلى أقسام هي:
1) الالتفات من التكلم إلى الخطاب؛ كقوله تعالى: (وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [يس: 22]، والأصل: وإليه أرجع، فالتفت
من التكلم إلى الخطاب
وكقوله تعالى: (إِنَّا
فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ) [الفتح: 1 - 2]، فانتقل من المتكلم (فَتَحْنَا)، إلى المخاطب (لِيَغْفِرَ)،
ولم يقل: (لنغفر لك).
2) الالتفات من التكلم إلى الغيبة؛ كقوله تعالى: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) [الكوثر: 1 - 2]، حيث لم يقل: فصل
لنا. وقوله سبحانه وتعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ
اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا... فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ) [الأعراف: 158]، فانتقل من المتكلم: (إِنِّي رَسُولُ اللّهِ) إلى الغائب
(وَرَسُولِهِ)، ولم يقل: "فآمنوا بالله وبي".
3) الالتفات من الخطاب إلى التكلم؛ كقوله تعالى: (قُلِ اللّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ) [يونس: 21]، على أنه سبحانه نزل نفسه
منزلة المخاطب، فالضمير في (قُلِ) للمخاطب، وفي (رُسُلَنَا) للمتكلم.
الالتفات من الخطاب إلى الغيبة؛ كقوله
تعالى: (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ
تُحْبَرُونَ * يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَاب) [الزخرف: 70 - 71]، فانتقل من الخطاب
إلى الغيبة، ولم يقل: يطاف عليكم.
وكقوله تعالى: (حَتَّى
إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم) [يونس: 22]، انتقل من المخاطب (كُنتُمْ) إلى الغائب
(بِهِم)، ولم يقل: (بكم)، وهذه الآية الكريمة هي المثال القرآني الأبرز والأشهر في
باب (الالتفات).
5) الالتفات من الغيبة إلى التكلم؛ كقوله تعالى: (وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا
بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا) [فصلت: 12]،
فانتقل من الغيبة إلى التكلم، ولم يقل: وزين.
6) الالتفات من الغيبة إلى الخطاب؛ كقوله تعالى: (وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء) [الإنسان: 21 - 22]، ولم يقل: كان لهم.
والالتفات من الأساليب البلاغيَّةِ ذَاتِ اللَّطَائف
النفيسة، وقد تكرّر في القرآن المجيد استخدامه جدًا، وله فيه أمثلة كثيرة، منها قوله
تعالى: (فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ
الكتاب يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذا الأدنى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن
يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِّيثَاقُ
الكتاب أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى الله إِلاَّ الحق وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ والدار
الآخرة خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) [الأعراف: 169]. فبينما تتحدّث الآية عن بني إسرائيل الأوّلين وما فعلُو من
كبائِرَ بأسلوب الحديث عن الغائب، يلتفت النّصُّ فيخاطب بني إسرائيل المعاصرين
لنزول القرآن فمن يأتي بعدهم كأنَّهم الأوّلون أنفسُهم، للإِشعار بأنّ هؤلاء
الْخُلُوف ما زالوا يتّصفون بأوصاف الأوّلين، لم يغيّروا منها شيئًا، فهم
مَعْنِيُّون بعموم الخطاب، فالالتفاتُ في قوله: (أَفَلاَ
تَعْقِلُونَ) خطابًا لبني إسرائيل المعاصرين لنزول النصّ فمن بعدهم
فيه فائدتان: الأولى: فنيّيّةُ التنويع في العبارة المثيرة
لانْتِباه المتلَقِّي، والباعثة لنشاطه في استقبال ما يُوَجَّه له، والإِصْغَاءِ
إلَيْه. والثانية: الاقتصاد والإِيجاز في التعبير، فبدل
أن يقول النصُّ لمعاصري التنزيل الكافرين من بني إسرائيل فمن بَعْدَهم: وأنتم يا
بني إسرائيل ما زِلْتُم على طريقة أسْلاَفِكُمْ، أَفَلاَ تَعْقِلُونَ؟ اقْتَصَرَ
النّصُّ على: (أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) مُسْتَغْنِيًا بأُسْلُوبِ الالْتفاتِ؛ للدلالة على ما يُمْكِن فَهْمُه
ذِهْنًا، إذْ اعتَبَرَهُمُ النَّصُّ داخِلِين في عُمُوم خطاب الغائبين السّالِفين،
إذْ هم موافقون على ما كانوا يفعلون، أو يفعلون مثلهم.
وذكر الزركشي في كتاب البرهان: أن للالتفات فوائد عامة
وخاصة؛ فمن العامة: التفنن والانتقال من أسلوب إلى آخر، لما في ذلك من تنشيط
السامع، واستجلاب صفائه، واتساع مجاري الكلام"، ونقل عن البيانيين قولهم:
"إن الكلام إذا جاء على أسلوب واحد وطال، حَسُنَ تغيير الطريقة".
وأما فائدته على وجه الخصوص؛ فتتجلى
في أمور:
1) التهديد والتخويف: جاء الالتفات في مواطن كثيرة في كتاب الله
لغرض التهديد والتخويف، ومن الأمثلة على ذلك: قوله تعالى: (وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ
الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ
فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ
مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [التوبة: 3]، ومحل الالتفات هو في
قوله تعالى: (فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ)، ولو لم يلتفت لقال: (فإن يتوبوا)، والغرض من هذا الالتفات من الغيبة إلى
الخطاب هو التهديد والتخويف. ومنه قوله تعالى: (لِيَكْفُرُواْ
بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) [النحل: 55]، والالتفات في قوله: (فَتَمَتَّعُواْ) من الغيبة إلى الخطاب، ولم يقل: فيتمتعوا، لأجل التهديد
والوعيد.
2) التنبيه: بمعنى التنبيه على ما حق الكلام أن يكون
واردًا عليه؛ كقوله تعالى: (وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي
وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [يس: 22]، أصل
الكلام: "وما لكم لا تعبدون الذي فطركم"، ولكنه أبرز الكلام في معرض
النصح لنفسه، وهو يريد نصحهم؛ ليتلطف بهم، ويريهم أنه لا يريد لهم إلا ما يريد
لنفسه، ثم لما انقضى غرضه من ذلك، قال: (وَإِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ) ليدل على ما كان من أصل الكلام ومقتضيًا له.
3) التوبيخ والتقريع: وقد يجيء الالتفات من الغيبة إلى
الخطاب في القرآن الكريم وفي طياته التوبيخ والتقريع لبعض من يستحق ذلك، ومنها على
سبيل المثال لا الحصر: قوله تبارك وتعالى: (وَيَجْعَلُونَ
لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللّهِ لَتُسْأَلُنَّ
عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُون) [النحل: 56]،
فالتفت في قوله تعالى: (لَتُسْأَلُنَّ) من الغيبة إلى
الخطاب لكي يواجههم بالتوبيخ والتقريع.
ومنه قوله تعالى: (وَالدَّارُ
الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُون) [الأعراف: 169]، ومحل الالتفات هو في
قوله تعالى: (أَفَلاَ تَعْقِلُون)، فانتقل من الغيبة إلى الخطاب ليكون أوقع في توجيه التوبيخ إليهم مواجهة،
ومن الشواهد على ذلك قوله تعالى: (وَقَالُوا
اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا) [مريم: 88 - 89]، فعدل عن الغيبة في
(قالوا) إلى الخطاب في (جِئْتُمْ)؛ لأن من يزعم اتخاذ الرحمن ولدًا لا شك أنه
مفتون في دينه، ويستنكر منه هذا القول الآثم، وينبغي أن يوبخ عليه، وتوبيخ الحاضر
أشد نكاية دائمًا من توبيخ الغائب، وهذا سر الالتفات في هذه الآية الكريمة.
4) العتاب: ومن المعاني التي يحملها الالتفات، العتاب،
ومنه قوله تعالى: (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ
أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ
عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ
أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ * إِن تَتُوبَا إِلَى
اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ
هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ
ذَلِكَ ظَهِيرٌ) [التحريم: 3 -
4]، فانتقل السياق من الغيبة في الآية الأولى إلى الخطاب في بداية الآية الثانية
فقال: (إِنْ تَتُوبَا)، وفي هذا
الالتفات بالخطاب معنى العتاب. ومن ذلك قوله تعالى: (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ
يَزَّكَّى) [عبس: 1 - 3]،
وفي الانتقال من الغيبة إلى الخطاب في قوله: (وَمَا
يُدْرِيكَ) معنى العتاب.
5) التخويف والتذكير: ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ
الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ) [المؤمنون: 14 - 15]، فانتقال السياق
من الغيبة إلى الخطاب في قوله: (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ)؛ لأن التخويف والتذكير بالموت إنما يناسبه الخطاب .
6) التشريف: ويأتي الالتفات في الخطاب للتشريف والرفع من
شأن المخاطب؛ كقوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا
بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ
يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ
شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [النور: 62]،
فتوجه السياق من الغيبة إلى مخاطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ) تشريفًا له
بهذا الخطاب.
ومنه قوله تعالى: (إِنَّ
اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ
الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا
عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى
بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ
وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 111]، فقد تحول السياق من الغيبة إلى خطاب
المؤمنين في قوله: (فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي
بَايَعْتُم بِهِ)؛ لأنَّ في خطابهم بذلك تشريفًا لهم.
7) الاتمام: ومنها أن يكون الغرض به تتميم معنى مقصود
للمتكلم، فيأتي به محافظة على تتميم ما قصد إليه من المعنى المطلوب له؛ كقوله
سبحانه: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ *
أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ
إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [الدخان: 4 - 6]، أصل الكلام: "إنا مرسلين، رحمة
منا"، ولكنه وضع الظاهر: (مِّن رَّبِّكَ)، موضع المضمر (منا)؛ للإنذار بأن
الربوبية تقتضي الرحمة للمربوبين.
8) التشديد في الطلب: من المعاني للالتفات من الغيبة إلى
الخطاب التشديد في طلب أمر من الأمور، ومن الأمثلة على ذلك: قوله تبارك وتعالى: (لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا
إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ
وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا) [الأحزاب: 55] ومحل الالتفات من الغيبة إلى الخطاب هو في
قوله تعالى: (وَاتَّقِينَ اللَّهَ)، ولم يقل: ويتقين الله، وكأنه قيل واتقين الله فيما أمرتن به من الاحتجاب
وما أنزل فيه الوحى من الاستتار واحتطن فيه، وفي السياق فضل تشديد في طلب التقوى
منهن.
***