التشبيهات التي تمثل أحوال الناس عند البعث فى القرآن الكريم

  التشبيهات التي تمثل أحوال الناس عند البعث فى القرآن الكريم 

  التشبيهات التي تمثل أحوال الناس عند البعث فى القرآن الكريم :يُعَدُّ البعثُ بعد الموت، وحشر الخلائق إلى بارئها لنيل جزائها يوم القيامة، من العقائد الأساسية في القرآن الكريم، ولما كانت هذه العقيدة محل شك واستبعاد من قِبَل المشركين كما حكى الله عنهم قولهم: ﴿أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ [الصافات: 16]. فقد اهتم القرآن اهتمامًا بالغًا بإثبات هذه العقيدة وتقريرها، والرد على الْمُشككين فيها، وتنوعت أدلة القرآن في تقرير هذه العقيدة بين إخبار بوقوع البعث، وتدليل على وقوعه، واستدلال بالحس على إمكانه، وتشبيهه بأمور تجري واقعًا في الحياة، وبيَّن ذكر قصص متنوعة لحالات تم فيها بإرادة إلهية إحياء الموتى.

وقد أفاض القرآن الكريم في الحديث عن أحوال الناس عند البعث وفي يوم القيامة، وقد ورد ذلك عن طريق الحقيقة وذلك في قوله تعالى في سورة الحج: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ [الحج: 1، 2].

وفي قال تعالى في سورة ق: ﴿يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ﴾ [ق: 44].

وفي قال تعالى في سورة النبأ: ﴿يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا * وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا * وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا﴾ [النبأ: 18 -20].

وفي قال تعالى في سورة الكهف: ﴿وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا﴾ [الكهف: 99].

وحينما يخرج المؤمنون من قبورهم يُرسل الله سبحانه وتعالى لهم ملائكة تُطمئنهم في كل مرحلة من مراحل الآخرة حتى لا يُصابوا بالخوف والرعب، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَـذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [الأنبياء: 101- 103].

***

كما ورد الحديث عن أحوال الناس عند البعث وخروجهم من قبورهم إلى الحشر عن طريق التشبيه والتمثيل، وذلك في ثلاث آيات، وهي:

قوله تعالى في سورة القمر: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ * خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ * مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ [القمر: 6، 8].

هذا التشبيه يرسم صورة خروج الناس من قبورهم يوم القيامة، إنهم يُشْبِهُون الجراد المنتشر في كثرتهم وتجمُّعهم وتدافعهم، يصدِمُ بعضُهم بعضًا في فوضى واضطراب، واندفاع على غير هُدى، في منظر مُرْعِبٍ مخيف، إنها صورة تبعث على الفزع والذعر، وتضع أمامك عيانًا مشهدًا لهول من أهوال يوم القيامة، وهو مشهد هذه الجموع المتزاحمة الخاشعة الأبصار من الذل والخوف، وهي تسرع في سيرها نحو الداعي الذي يدعوها لأمر منكر لا تطمئن إليه.

وقد بدأت هاتين الآيتين بتوجيه الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان حال الكافرين من عدم إغناء النُّذر فيهم، فتولَّ عنهم أيُّها الرسول الكريم، ولا تُبَال بهم، واتركهم في طُغْيَانهم يعمهون، وانتظر عليهم إلى اليوم الذي يدعوهم فيه الداعي، وهو إسرافيل عليه السلام الذي يَنْفُخ في الصور بأمر الله تعالى، إلى أمر فظيع عظيم، تُنْكِره النفوسُ؛ لعدم عهدهم بمثله، وهو يوم البعث والنشور.

وخشوع الأبصار كناية عن الذلة والانخذال لأن ذلة الذليل، وعزة العزيز، تظهران في عيونهما. وقُدِّم الحال وهو قوله: (خُشَّعًا) على الفعل (يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) لمزيد الاهتمام.

وقوله: (كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ) يركز التشبيه هنا على معنى الكثرة والتموج والانتشار على غير نظام، مع تسليط الضوء على معنى التخاذل والضعف والوهن الذي هم فيه، والمتجلي في أبصارهم الخاشعة.

والتعبير بالجراد المنتشر يتلاءم مع جو السورة من أعجاز نخل مُنْقَعر، وهشيم مُحتظر، فكلها تُوحِي بالهلاك والفناء.

وقوله: (مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ) أي: مُسرعين إليه مادي أعناقهم. تأمل حركة أعناقهم وما وراءها من الإسراع الحثيث الجاد إلى ما ينتظرهم من هول، ثم التعبير عما يختلج في صدورهم من كرب وغُمَّة (هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ) وكل ذلك على إيقاع واحد وتناسب في السبك والنظم يتناسب مع جوِّ الهلع والفزع والرعب مع مشهد يوم القيامة وأحوال الناس عند البعث.

***

وقوله تعالى في سورة المعارج: ﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ * يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ﴾ [المعارج: 42 -44].

هذا تشبيه آخر لخروج الكافرين يوم القيامة من قبورهم، جاء على شكل التمثيل، شبّههم وهم يخرجون سراعًا إلى الداعي الذي يدعوهم إلى أمر منكر مخيف، بصورة عُبَّاد الأصنام الذين يُسْرِعون مُتَدافعين إلى أوثانهم التي نصبوها ليعبدوها.

شبّه حالة إسراعهم إلى موقف الحساب بحالة إسراعهم وتسابقهم في الدنيا إلى آلهتهم وطواغيتهم، وفي هذا التشبيه تهكم بهم، وتعريض بسخافة عقولهم، إذ عبدوا ما لا يستحق العبادة، وتركوا ما يستحق العبادة، لقد كانوا يسارعون إلى الأنصاب، ويتجمّعون حولها، وها هم أولاء يُسارعون اليوم كذلك في ذِلَّة وخشوع ليجيبوا الداعي، وهم فاقدو الوعي، مسلوبو الإرادة، كما كان شأنهم وهم يتدافعون إلى أصنامهم.

بدأت هذه الآيات بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بأن يترك ما أهمه من أمر عنادهم وكُفرهم ويدعهم في خوضهم ولعبهم.

وقوله: (حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) هذا التعبير يُبين لنا ما وراء ذلك من رحلة طويلة فيها ما فيها من جهد وتعب ومُعاناة عُمرًا طويلا أضاعوه فيما لا يُجدي ولا يثمر.

ثم تأمل الحال الذي آلوا إليها بعد تكبُّر وعناد في الدنيا إلى مُنتهى الضعف والذِّلة والهوان وهم يُسرعون الخُطى إلى الداعي يوم القيامة مستبقين كأنهم يستبقون إلى أنصابهم.

وفي هذا التشبيه تفظيع حالهم في عبادة الأصنام وإيماء إلى أن إسراعهم يوم القيامة إسراع دع، ودفع جزاء على إسراعهم للأصنام.

وقارن بين إسراعهم لمجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء مادِّين أعناقهم إليه مُقبلين بأبصارهم عليه وبين إسراعهم يوم القيامة خاضعين خاشعين من الذل.

ومن لطائف هذا التشبيه الإيحاء بأن التعب والمشقة والجهد الذي بذلوه لا طائل من ورائه؛ لأن السعي إلى الأنصاب بجانب ما يُوحيه من معنى الذُّل والمهانة والخضوع يُوحي بأنه سعي إلى حجارة لا تضر ولا تنفع، وأنه سعي لا ثمرة من ورائه، وكذلك هم يوم القيامة مما يؤكد أنهم لن يسعوا إلى شيء إلا للعذاب والهلاك.

***

وقوله تعالى في سورة القارعة: ﴿الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ * يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾ [القارعة:1- 4].

هذا تشبيه آخر لخروج الناس من قبورهم، صوّرهم وهم يخرجون فزعين خائفين، لا يهتدون إلى أين يتوجّهون، طائشة عقولهم، ذاهبة ألبابهم من الرعب؛ صورهم بالفراش المتفرِّق المنتشر هنا وهناك، يموج بعضهم في بعض، لا يتّجهون إلى جهة واحدة بل كلّ يذهب في جهة غير الأخرى، من غير هدف ولا غرض.

إنها صورة لهول هذا اليوم، وشدة اضطراب الناس وحيرتهم فيه، فهم مستطارون مُستخفُّون كالفراش الذي يتهافت على الهلاك، وهو لا يملك لنفسه هدفًا ولا جهة.

فتتحدث سورة القارعة من بدايتها عن يوم القيامة وأهواله وشدائد ما يقع فيه من أحداث عِظام وأهوال شِداد كخروج الناس من قبورهم وانتشارهم وكثرتهم كالفراش المبثوث المتهافت هنا وهناك، وما يحدث للجبال من تطاير ونسف كالصوف المنبث.

ثم تأمل كيف قرن الناس إلى الجبال إشارة وتنبيه إلى أن تأثير القارعة في الجبال هذا التأثير فما عساه يكون حال الناس فيها.

ثم يتحدث بعد ذلك عن الجزاء على الأعمال وأنها تُقاس بثقلها وخفتها في الميزان، ﴿فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ﴾ [القارعة: 6 - 11].

والقرع: هو ضرب شيء على شيء، فهو الضرب بشدة واعتماد، ثم سميت الحادثة العظيمة من حوادث الدهر بالقارعة، وسُميَّ يوم القيامة بالقارعة لأنه يقرع القلوب والأسماع بهوله.

وشبه الناس في خروجهم من قبورهم بالفراش في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والتطاير إلى الداعي من كل جانب كما يتطاير الفراش إلى النار.

والفراش: طير لا ذباب ولا بعوض، والعرب تُشبِّه بالفراش كثيرًا كقول جرير يهجو الفرزدق:

إنَّ الفرزدقَ ما عَلِمْتُ وقَوْمَهُ     مثل الفَرَاشِ غَشِيْنَ نَارَ الْمُصْطَلِي

وصفهم بالحرص والتهافت، وشبههم بالفراش في الذل والجهل والتطفل على الغير، كما يغشى الفراش رأس المصطلي ويحوم حولها، وربما ألقى بنفسه إلى النار.

والبَثُّ هو تفريق الشيء وإظهاره، يقال: بثوا الخيل في الغارة، وبث الصياد كلابه على الصيد. والعهن المنفوش: أي الصوف المنتشر المتطاير.

بدأت سورة القارعة هذه البداية المهولة التي فيها من التشويق والترغيب إلى معرفة ما سيكون.

وقوله: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ) فيه تهويل إثر تهويل. ثم جاء قوله: (يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ) بيانًا للإبهام الوارد في قوله: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ).

ثم جاء التقابل البديع بين كون الناس كالفراش المبثوث، وهو إيجادهم بعد عدم وبعثهم بعد موت، وكون الجبال كالعهن المنفوش في انتشارها وتفتتها واضمحلالها، فهو كون يؤذن بزوال وفناء، فهذا عالَم يُولد ويظهر وآخر يظهر ويزول ويرحل والكل في حالة ذهول وفزع وتطاير وخِفَّة وضعف وذِلَّة.

وتأمل كيف تُقاس الأعمال في ذلك اليوم العظيم بثقل الموازين، وكيف يتقابل مع الخفة والتطاير بمشهد الثقل والرضى والاطمئنان.

***

والعناصر التي تجمع بين هذه التشبيهات الثلاث هي: الجراد المنتشر، كأنهم إلى نُصب يوفضون، والفراش المبثوث، وهي وإن كان يجمعها معنى عام واحد وهو إسراعهم إلى الداعي خاشعة أبصارهم في غاية الذِّلة والضَّعْف والوَهَن والتهالك والتهافت، إلا أن كل صورة تنفرد بمعانٍ وإيحاءات تتناسب مع السياق التي وردت فيه.

فالتشبيه في سورة القمر يصف أهوال يوم القيامة حين يدعو الداعي، فيبعث الموتى من قبورهم ويخرجون منتشرين في هذا المشهد الرهيب وهو يركز على خروج الناس من جوف الأرض وانتشارهم على ظهرها كالجراد المنتشر في الكثرة والتدافع وجولان بعضهم في بعض. بينما التمثيل في سورة المعارج يركز على طريقة إسراعهم في ذلك اليوم وكأنهم إلى نُصُب يوفضون؛ لأن الجو والسياق حولهم مليء بالرهبة والخشوع والخضوع حيث تنزل الملائكة بأمره ووحيه. لذلك كان التمثيل في سورة القمر يوم القيامة عامة، والتمثيل في سورة المعارج في موقف خاص من مواقفه.

ومن أسرار التنوع بين هذه التشبيهات، أن التشبيه في سورة المعارج وصف أبصارهم بأنها خاشعة على وزن (فاعلة)، لتفيد دوام خشوعها وخضوعها، ولأن تخاذل النفس وتماسكها إنما يظهر في أحوال البصر. بينما وصف البصر في سورة القمر (خُشَّعًا أبصارهم) زيادة في التهويل والتقريع؛ لأن يُدعون إلى شيء نُكر وشديد صعب.

ومن أسرار التنوع بين هذه التشبيهات، أن التشبيه في سورة المعارج يؤكد بطلان سعيهم وأنه سعي لا ثمرة من ورائه؛ لأنه أشبه بسعي من سعى لمن لا يملك بهم ضَرًّا ولا نفعًا، فهم يسعون كأنهم إلى نُصُب يوفضون. بينما نجد التشبيه في سورة القارعة يتناول بجانب الكثرة والانتشار على غير نظام معنى التخاذل والوهن الذي يكون عليه حال الناس عند ابتعاثهم من قبورهم في ذلك المشهد الذي يقرع القلوب بهوله، ويُبين أنهم تخاذلوا أشد التخاذل بحيث لم يبق فيهم بقية من قوى وتماسك، فصاروا كالفراش المبثوث، وهذا يتناسب مع شدة القرع وهول الموقف، والفراش مثل في الوهن والضعف ومثل في الخفة والحماقة والتهافت والطيش.

ومن أسرار التنوع بين هذه التشبيهات، أن التشبيه الأول في سورة القمر وصف الجراد بالانتشار بينما التشبيه في سورة القارعة وصف الفراش بالبث، وبينهما فرق، فالفرق بين البث والانتشار أن الانتشار فيه فضل تماسك لا يُوجد في البث، ولذلك تقول العرب: "نشر عليه ثوبه، ولا تقول بثه".

ومن أسرار التنوع أيضًا الفرق بين الصياغتين (للبث وللانتشار) فالمبثوث مفعول من بثَّ وقع عليه البث، والمنتشر اسم فاعل من انتشر حدث منه الانتشار.

فهم في التشبيه الأول كالجراد الذي ينتشر بنفسه وهو يتناسب مع (أعجاز نخل منقعر)، (وهشيم محتظر) الوارد في نفس السورة. بينما التشبيه الثاني كالفراش المبثوث أي الذي يبثه غيره، وهو يتناسب مع تلك الجبال التي تُفرَّق وتنفش ويتحول ألوانها وأصباغها وتتراءى ألوانًا شتى، فتكون مثلا في الخفة وفي اختلاف الألوان، وهكذا تتناسب مع الفراش المبثوث.

***

هذه هي أحوال الناس يوم القيامة عند خروجهم من قبورهم وذهابهم إلى أرض المحشر، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الذين تتلقاهم الملائكة وتبشرهم بعدم الفزع والحزن الذي يكون فيه الخلق، ونسأل الله عز وجل أن يُظِلَّنا في ظل عرشه في هذا اليوم، يوم لا ظل إلا ظله.

***

إرسال تعليق


أحدث أقدم
document.querySelector('.button').addEventListener('click', function() { alert('مرحبًا في طريق التعلم!'); });