أغراض التشبيه التي تعود فائدتها على المشبه به فى القرآن الكريم

أغراض التشبيه التي تعود فائدتها على المشبه به في القرآن الكريم

تعريف أغراض التشبيه:

أغراض التشبيه هي: الفائدة التي يريد المتكلم أن يُعطيها للسامع عند استخدام أسلوب التشبيه، وهذه الأغراض منها ما تعود فائدته على المشبه وقد ذكرناها، ومنها ما تعود فائدته على المشبه به.

الأغراض التي تعود فائدتها على المشبه به:

1- شدة المبالغة في اتصاف المشبه بوجه الشبه، وإيهام أنه أتم وأقوى منه في المشبه به:

وهو ما يسمَّى بالتشبيه المقلوب أو المعكوس، وهو: التشبيه الذي جُعِل فيه ما هو كاملٌ في وجه الشَّبه مُشبَّهًا، وما هو ناقص في وجه الشَّبه مُشبَّهًا به، على عكس الأصل على سبيل المبالغة.

وهذا مبني على الفَرْضِ والتخييل بجعل ما هو فرع في وجه الشبه أصلًا فيه قصدًا إلى المبالغة في ثبوته له.

ومن ذلك قول الشاعر محمد بن وهيب في مدح الخليفة المأمون:

وَبَدَا الصَّباحُ كأنَّ غُرتَّهُ                وَجْهُ الخَليفَةِ حين يُمتَدحُ

فالمشبه هنا هو ضوء الصباح في أول تباشيره، والمشبه به هو وجه الخليفة حين يُمتدح، فالْغرَّة من كل شَيْء أَوله وأكرمه.

فقد جعل الشاعر: الصَّباح وهو الأصل في الضياء مُشبَّهًا، وجعل وجه الخليفة أصلًا يُقاس عليه، فالأصل في التشبيه أن يجعل وجه الممدوح مُشبَّهًا بضوء خيوط الصباح، لكنَّ الشاعر قصد المبالغة في وصف ممدوحه فلجأ إلى قلب التشبيه فكأن غُرَّة الصباح بإشراقتها كوجه الخليفة. فالشاعر قصد إيهام أن وجه الخليفة أتم من الصباح في الوضوح والضياء فعكس القضية وقلب التشبيه تفننًا في التعبير.

ومن أمثلة التشبيه المقلوب قوله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 275].

المشبه: البيع. والمشبه به: الربا. وأداة التشبيه: مثل. ووجه الشبه: الإباحة. ونوع التشبيه: مقلوب؛ حيث جعلوا المشبَّه مشبَّهًا به بادِّعاء أن وجه الشبه فيه أظهر. وغرض التشبيه: إيهام أن المشبه به أتم من المشبه في وجه الشبه.

والقول بالتشبيه المقلوب في وصف هذه الآية فيه مُبالغة في بيان ضلال آكلي الربا الذين بلغ اعتقادهم في حلِّ الربا أن جعلوه أصلا يُقاس عليه، فشبَّهوا به البيع، وهذا من عظيم البلاغة والبيان أن آكل الحرام من كثرة اعتياده عليه يراه حلالا وأصلا، ويرى الحلال تابعًا له أو حلالا مثله.

وكذلك بيان أن الداعي من البيع والربا هو المال والرِّبح، وهذا أظهر وأوضح في الربا، فينبغي -على حسب اعتقادهم– أن يكون أحق بالحل والإباحة. وهذه هي حقيقة التشبيه المقلوب أن يُقْلَب التشبيه؛ لأن وجه الشبه في المشبه به أوضح وأقوى منه في المشبه.

وقال بوجود التشبيه المقلوب في الآية كثير من المفسرين، فقال الزمخشري: "فإن قلت: هلا قيل إنما الرِّبا مثل البيع؛ لأنّ الكلام في الربا لا في البيع؟ قُلْتُ: جيء به على طريق المبالغة، وهو أنه قد بلغ من اعتقادهم في حلِّ الرِّبَا أنهم جعلوه أصلًا وقانونًا في الحلِّ حتى شبهوا به البيع" [الكشاف (1/ 321)].

***

ومنه قوله تعالى: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ * أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [القلم: 34 - 36].

المشبه: المسلمون. والمشبه به: المجرمون. وأداة التشبيه: الكاف. ووجه الشبه: عدم استواء الجزاء والعطاء في الآخرة، وهو وجه شبه منفي بالاستفهام الإنكاري.

لما أخبر سبحانه أن للمتقين في الآخرة جنات النعيم، نفى سبحانه أن يسوي في كرامته وفضله بين المسلمين الذين خضعوا له بالطاعة، وذلوا له بإفراده بالعبودية، وخشعوا لأمره ونهيه، وبين المجرمين الذين اكتسبوا المآثم، وركبوا المعاصي وأعظمها الشرك، وخالفوا أمره ونهيه، أنكر جعل الفريقين متشابهين، وفي هذا كناية عن إعطاء المسلمين جزاء الخير في الآخرة وحرمان المشركين منه.

فالتشبيه في الآية تشبيه منفي، وأصل الكلام: أفنجعل المجرمين كالمسلمين، ولكنه قلب مُسَايرة لاعتقادهم بأنهم أفضل من المسلمين.

***

ومنه قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} [النحل: 17].

جاءت هذه الآية في سياق إقامة الأدلة وظهور البراهين على أحقية الله عز وجل بالألوهية، حيث سبقها التمهيد بخلقه للسماوات والأرض، وتسخيره لليل والنهار، والشمس والقمر والنجوم، وتعدد نعمه تعالى من اختلاف الألوان والطعوم في الأكل، وتسخيره البحر وما يُستخرج منه، وما على الأرض من أوتاد لتبيتها وتهيئتها للمعيشة، وإصلاحها بتفجير الأنهار فيها، وتسطيح الطرق بها لسهولة التنقل بوضع علامات رجاء الهداية ليلا ونهارًا، ثم عقَّب بعد ذلك بهذا الاستفهام الإنكاري المجاب عنه بالنفي (إن من يخلق ليس كمن لا يخلق).

فمقتضى الظاهر عكس ما هو موجود في الآية؛ لأن الخطاب للذين عبدوا الأوثان وسموها آلهة تشبيهًا بالله –سبحانه وتعالى -فقد جعلوا غير الخالق مثل الخالق، فجاءت هذه المخالفة لِمُبالغتهم في عبادتها، وغلوهم فيها حتى جعلوا الفرع أصلًا والأصل فرعًا، ولذلك جاء الاستفهام إنكاريًّا في الآية، ثم زاد التوبيخ بتكرار الاستفهام في آخر الآية (أفلا تذكرون) لانتفاء أو انعدام تذكُّر هؤلاء الفئة التي تعتقد في التساوي بعد سوق كل الأدلة والبراهين المتقدمة، وما الداعي لذلك إلا عتوهم واستكبارهم، وقد أخبر الله تعالى عنهم في سياق الآيات {وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [النحل: 20].

***

ومنه قوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 32].

المشبه: نساء النبي صلى الله عليه وسلم. والمشبه به: عموم نساء هذه الأمة. وأداة التشبيه: الكاف. ووجه الشبه: المكانة والمنزلة، وبعض الأحكام الشرعية.

وأصل الكلام: ليس أحد من النساء مثلكن ما دمتن على ما أنتن عليه من التقوى؛ لأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم في مكان القدوة لسائر النساء، ففيه مبالغة في تشريف نساء النبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى على التشبيه المقلوب يزدهُنَّ علوًّا ورفعة عن نساء المسلمين، ولا يتأتى هذا المعنى إلا في جعل المشبه مُشبهًا به، وهذا هو التشبيه المقلوب، وما يُضفيه من دلالة وصورة جمالية لبلاغة القرآن العظيم.

***

ومنه قوله تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ} [ص: 28].

في هذه الآية تشبيهان:

التشبيه الأول: المشبه: الذين آمنوا وعملوا الصالحات. والمشبه به: المفسدون في الأرض. وأداة التشبيه: الكاف. ووجه الشبه: استواء العاقبة.

والتشبيه الثاني: المشبه: المتقون. والمشبه به: الفجار. وأداة التشبيه: الكاف. ووجه الشبه: استواء العاقبة.

يبين سبحانه وتعالى في هذه الآية أن التسوية بين المختلفين في الجزاء والعاقبة مما لا يليق بحكمه وحكمته، ولذلك بدأها سبحانه بالاستفهام المتضمن معنى الإنكار، على أبلغ وجه وآكده.

وهذا التشبيه فيه دلالة على عدل الله تعالى في أنه سبحانه لم يساو بين الطرفين؛ لأن المساواة بينهما مما تنكره الفطر السليمة والعقول المستقيمة، وهو يدل أيضا على وجود حياة أخرى يجازى فيها كل طرف بعمله، لأن المشاهد في كثير من أحوال الحياة الدنيا، أن المفسد والفاجر ربما يكون ممتعا فيها، كثير المال والعيال، ثم يمضي ويموت على هذه الحال، لم يقتص منه ويؤخذ بحق المظلوم، وأن المؤمن والطائع قد يعيش في فقر من العيش أو شدة في الحياة ثم يموت، ولم يؤخذ بحقه من الظالم، ولم يعط جزاء عمله، فثبت وجود حياة أخرى يعدل فيها بين طرفي التشبيه، ليتحقق عدل الله، ويظهر فضله للمستحق من الطرفين.

والمعنى بالتشبيه المقلوب فيه مبالغة ومسايرة لظن الكافرين؛ بأنهم أرفع مكانة من المؤمنين المتقين في الآخرة، كما يعتقدون ذلك في الدنيا، فوقع التشبيه على القلب بتشبيه الأعلى بالأدنى، والأصل تشبيه الأدنى بالأعلى.

***

2- بيان شدة الحاجة إلى المشبه به وإظهار أنه مطلوب له وأكثر أهمية في نظر المتكلم بالتشبيه من المشبه:

ومثال ذلك: تشبيه الجائع القمر في استدارته وإشراقه بالرغيف؛ إظهارًا للاهتمام بشأن الرغيف لا غير، وتشبيه المسك في طيب رائحته بالشِّواء، للتنبيه على شدة حاجته إلى الرغيف والشواء، وهذا يسمى إظهار المطلوب.

ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ} [البقرة: 13].

في الآية تشبيهان:

التشبيه الأول: المشبه: الأمر للمنافقين بالإيمان. المشبه به: إيمان الصحابة رضوان الله عليهم. أداة التشبيه: (الكاف)، ووجه الشبه: صدق الإيمان، ونوع التشبيه: مرسل: لذكر أداة التشبيه، ومجمل: لحذف وجه الشبه، وغرض التشبيه: الاهتمام بالمشبه به؛ ببيان صدق إيمان الصحابة رضوان الله عليهم.

والتشبيه الثاني: المشبه: إيمان المنافقين. والمشبه به: إيمان السفهاء – يقصدون بهم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، وأداة التشبيه: (الكاف)، وجه الشبه: محذوف. وغرض التشبيه: الاهتمام بالمشبه به؛ أي محاولة تشويه المنافقين لصورة الصحابة رضوان الله عليهم وإيمانهم برميهم بالسفاهة.

في التشبيه الأول: حث على الاقتداء والتأسي عن طريق التفكير التشابهي الإيجابي، وإن كانوا قد رفضوا التأسي بسلفهم الصالح، فإنه يأتي الأمر بالتأسي بالصالحين في زمانهم، لأن شأن النفوس أن تسرع إلى التقليد والاقتداء بمن يسبقها في الأمر، والمطلوب من المنافقين مجرد إيمانهم، لا الإيمان المشابه لإيمان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم في الكمال.

أما التشبيه الثاني: فكان بصيغة استفهام للإنكار، قصدوا منه البراءة من الإيمان على أبلغ وجه، وجعلوا الإيمان المبرأ منه شبيهًا بإيمان السفهاء تشنيعًا له وتعريضًا بالمسلمين؛ بأنهم حملهم على الإيمان سفاهة عقولهم.

والغرض من التشبيهين: الاهتمام بالمشبه به، أي: إذا قيل للمنافقين آمنوا كما آمن الناس، الذي كان الإيمان راسخًا في قلوبهم، ومُؤثِّرًا في وجدانهم، ومُصرِّفًا لأبدانهم، أي كإيمان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، وهو الإيمان بالقلب واللسان، قالوا بزعمهم الباطل: أنؤمن كما آمن السفهاء؟ يعنون –قبَّحهم الله- الصحابة رضوان الله عليهم، فردَّ الله ذلك عليهم، وأخبر بأنهم هم السفهاء على الحقيقة؛ لأن حقيقة السفه هو جهل الإنسان بمصالح نفسه، وسعيه فيما يضرها، وهذه الصفة منطبقة عليهم وصادقة عليهم، كما أن العقل هو معرفة الإنسان بمصالح نفسه والسعي فيما ينفعه ودفع ما يضره، وهذه الصفة منطبقة على الصحابة والمؤمنين وصادقة عليهم.

***

ومنه أيضًا قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143].

المشبه: جعل قِبلة أمة محمد صلى الله عليه وسلم متوسطة بين المشرق والمغرب. والمشبه به: جعل أمة محمد صلى الله عليه وسلم وسطًا بين الغلو والتقصير. وأداة التشبيه: (الكاف)، ووجه الشبه: الوسطية. ونوع التشبيه: مرسل: لذكر أداة التشبيه، ومفصل: لذكر وجه الشبه. غرض التشبيه: الاهتمام بالمشبه به.

يذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أن الأمة المحمدية تتميز بالوسطية من حيث:

أولاً: التوجه والقبلة؛ فالكعبة المشرفة وسط الأرض بين المشرق والمغرب.

ثانيًا: منهج الحياة؛ فهي أمة وسط في التصور والاعتقاد، لا تغلو في التجرد الروحي ولا في الارتكاس المادي، إنما تتبع الفطرة المتمثلة في روح متلبسة بجسد، أو جسد تتلبس به روح.  وتعطي لهذا الكيان المزدوج الطاقات حقه المتكامل من كل زاد، وتعمل لترقية الحياة ورفعها في الوقت الذي تعمل فيه على حفظ الحياة وامتدادها.

والغرض البلاغي: الاهتمام بالمشبه به، أي: جعلناكم خيارًا عدولا فخصصناكم بالتوفيق لقِبلة إبراهيم عليه السلام ومِلته، وفضلناكم بذلك على من سواكم من أهل الملل، كذلك خصصناكم ففضَّلناكم على غيركم من أهل الأديان، جعلناكم خير أمة وأعدلها فأهَّلناكم بذلك للشهادة على الأمم يوم القيامة إذا أنكروا أن رسلهم قد بلغتهم رسالات ربهم، وأنتم لا تشهد عليكم الأمم ولكن يشهد عليكم رسولكم، وفي هذا من التكريم والإنعام ما الله به عليم.

***

ومنه قوله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: 19].

المشبه: سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام – على سبيل النفي. والمشبه به: الإيمان بالله واليوم الآخر والجهاد في سبيل الله. وأداة التشبيه: (الكاف).

والاستفهام في قوله: (أجعلتم) للإنكار المتضمن معنى النهي. وقد دل ذكر السقاية والعمارة في جانب المشبه، وذكر من آمن وجاهد في جانب المشبه به، على أن العملين ومن عملهما لا يساويان العملين الآخرين ومن عملهما.

والغرض البلاغي: الاهتمام بالمشبه به، وهو في الآية الإيمان بالله واليوم الآخر؛ وبيان مقدار حاله، فهذه الآية فيها توبيخ من الله تعالى، لهؤلاء القوم الذين افتخروا بالسقاية، وسدانة البيت وجعلوها أفضل الأعمال، فأعلمهم جل ثناؤه، عن طريق الاستفهام الاستنكاري التوبيخي أن الفخر الحقيقي يكون بالإيمان بالله واليوم الآخر، والجهاد في سبيله، لا في الذي افتخروا به، من السدانة والسقاية، فإن عمارتهم المسجد الحرام، وقيامهم على السقاية، لا تنفعهم مع الشرك بالله.

                                    ***

إرسال تعليق


أحدث أقدم
document.querySelector('.button').addEventListener('click', function() { alert('مرحبًا في طريق التعلم!'); });