الحاجة إلى دراسة علوم البلاغة
ترجع الحاجة إلى دراسة علوم البلاغة العربية إلى أمور ثلاثة:
الأول: أن الناظر في هذه الفنون والمدرك لها، والحائز لملكتها يقف عن يقين، لا يشوبه تردد على جهة إعجاز القرآن الكريم بالتفصيل وهي جهة دلالته اليقينة على صدق محمد صلي الله عليه وسلم فيكون بذلك مؤمنا عن عقيدة لا عن تقليد وعن برهان لا عن محاكاة، وفي ذلك شرف لاغاية وراءه.
الثاني: أن المتمكن من هذه العلوم: أصولها وفروعها يلمس بنفسه دقائق العربية وأسرارها ويدرك مراتب الكلام ومراميه، ومزايا صوره شعرا ونثرا فيهتدي إلى مواطن النقد الصحيح، ومعرفة الجيد من الكلام ورديئه ومن وفق إلى الإحسان من أرباب القول ومن لم يوفق وإلا فكيف يعرف الجاهل بفضول البلاغة وأصولها فضل كلام على كلام وشرف متكلم على آخر ، وكيف يستطيع مثل هذا أن يواز ن بين شاعر وشاعر، أو أن يفاضل بين خطيب وخطيب؟
الثالث: أن الدارس لهذه الفنون الخبير بضوابطها وقوانينها العارف لأصولها وفروعها إذا أراد أن يقول شعرا أونثرا في أي غرض من الأغراض استطاع أن يجد من أمره رشدا، فيصيب الهدف ويدرك القصد ويأتي بما يطابق الحال من الألفاظ والتراكيب ، ويهتدي إلى المستجاد من القول، والمختار من الكلام لأن معه النبراس الذي يستضيء به، ويسير على هداه.
ولو لم يكن لهذه العلوم من سابغ الفضل على ذويها سوي الوصول بهم إلى موضوع السر من إعجاز القرآن وكيف أنه تحدى العرب، وهم ذوولسن وفصاحة، في أبين صفاتهم وأجل سماتهم بما حواه من محكم الصياغة والبلاغة، وبما تضمنه من جوامع الكلم، وروائع الحكم، حتى وقف بنو العروبة ، وحاملوا لوائها أمامه واجمين وخر له أعلام البيان ساجدين لو لم يكن لها سوي هذا الفضل لكان لزاما على عامة أبناء العربية أني ير تضعوا أفاويقها، وينهلوا من مناهلها فما ظنك وقد تعدى خطرها هذا الأمر؟ إنها لتكشف لك عما في الفصحى من كنوز ونفائس لا تقف عند حد، كما تكشف لك عن سر ما لها من فضل التقدم على سائر اللغات، حتى نزل القرآن الكريم فوسعته معني وأسلوبا على ما فيه من روعة وجلال، فكان ذلك شهادة لها بتبوئها مكان الصدارة واستوائها على عرش السيادة.
وهل تراك بالغا أعماق القلوب، مالكا زمام العقول تقويما لعقيدة زائغة أو إحياء لحق مضيع، أو ردًا لشرف مثلوم بغير معونة هذه العلوم؟ أجل فرب كلام أقطع من حسام، وأنفذ من سهام.
وأي أثر ذلك الذي تحسه في نفسك عندما يجري على لسانك اللفظ الأنيق ذو المعني الدقيق ، أو تنعكس على يراعك أشعة الخيال الرائع، والتصوير البارع أتراك لو حيزت لك الدنيا بحذافيرها لقاء أن يعزي إلى غيرك ما أبدعت، أكنت قابلا هذا البدل على جليل خطره وعظيم قدره؟ لك لعمري متعة النفس لا يعدلها شيء في الوجود.
ومن أجل ذلك كله كانت حاجتنا إلى دراسة هذه العلوم، فوق حاجتنا إلى شأن آخر من شئون هذه الحياة، وحسبك منها أن تعرف بها ما للغة آبائك من قوة واعتزاز وما احتواه كتاب ربك، رمز العظمة وآية الإعجاز.
ولو لم يكن لهذه العلوم من سابغ الفضل على ذويها سوي الوصول بهم إلى موضوع السر من إعجاز القرآن وكيف أنه تحدى العرب، وهم ذوولسن وفصاحة، في أبين صفاتهم وأجل سماتهم بما حواه من محكم الصياغة والبلاغة، وبما تضمنه من جوامع الكلم، وروائع الحكم، حتى وقف بنو العروبة ، وحاملوا لوائها أمامه واجمين وخر له أعلام البيان ساجدين لو لم يكن لها سوي هذا الفضل لكان لزاما على عامة أبناء العربية أني ير تضعوا أفاويقها، وينهلوا من مناهلها فما ظنك وقد تعدى خطرها هذا الأمر؟ إنها لتكشف لك عما في الفصحى من كنوز ونفائس لا تقف عند حد، كما تكشف لك عن سر ما لها من فضل التقدم على سائر اللغات، حتى نزل القرآن الكريم فوسعته معني وأسلوبا على ما فيه من روعة وجلال، فكان ذلك شهادة لها بتبوئها مكان الصدارة واستوائها على عرش السيادة.
وهل تراك بالغا أعماق القلوب، مالكا زمام العقول تقويما لعقيدة زائغة أو إحياء لحق مضيع، أو ردًا لشرف مثلوم بغير معونة هذه العلوم؟ أجل فرب كلام أقطع من حسام، وأنفذ من سهام.
وأي أثر ذلك الذي تحسه في نفسك عندما يجري على لسانك اللفظ الأنيق ذو المعني الدقيق ، أو تنعكس على يراعك أشعة الخيال الرائع، والتصوير البارع أتراك لو حيزت لك الدنيا بحذافيرها لقاء أن يعزي إلى غيرك ما أبدعت، أكنت قابلا هذا البدل على جليل خطره وعظيم قدره؟ لك لعمري متعة النفس لا يعدلها شيء في الوجود.
ومن أجل ذلك كله كانت حاجتنا إلى دراسة هذه العلوم، فوق حاجتنا إلى شأن آخر من شئون هذه الحياة، وحسبك منها أن تعرف بها ما للغة آبائك من قوة واعتزاز وما احتواه كتاب ربك، رمز العظمة وآية الإعجاز.
الفوائد التي تترتب على دراسة علوم البلاغة
دراسة علوم البلاغة، مع التزود بقدر واف من منثور العرب ومنظومهم والتأمل الواعي لهذه النصوص الأدبية المختارة، تمكن الدارس من تحقيق الأهداف التي توخاها المؤلفون من علوم البلاغة وخلاصتها:
1) معرفة إعجاز كتاب الله إذ لا يمكن الوقوف على ذلك إلا بدراسة الأساليب العربية ومعرفة الجيد منها والرديء، وأسباب الجودة، وأسباب الرداءة والمقارنة بين الجيد منها، والقرآن قد بهر العرب بحسنه وبراعته، وكمال معانيه، وصفاء ألفاظه، فكانت دراسة هذه العلوم، من هذه الجهة، معينة على معرفة أسرار الإعجاز.
2) القدرة على صوغ أدب جميل رائع فإن المتأدب إذا أراد أن يصنع قصيدة أو ينشئ رسالة أو يكتب رسالة، أو يكتب مقالة أو قصة وقد فاتته هذه العلوم، مزج الصفو بالكدر، ولم يهتد إلى الصورة البديعة، والأساليب الجيدة.
3) القدرة على حسن الاختيار فإذا أراد صاحب العربية أن يختار كلاما منثورًا أو شعرًا منظوما، وتخطى هذه العلوم ساء اختياره فأخذ الردئ المرذول وترك الجيد المقبول.
4) والبيان في ذاته فضيلة ، تسمو على كثير من الفضائل ولذلك نجد النبي صلي الله عليه وسلم مع ما أعطاه الله من العلوم الدينية وخصه بالحكم والآداب الدنيوية، لم يفتخر بشيء من ذلك، فلم يقل أنا أفقه الناس ولا أنا أعلم الخلق بالطب، بل افتخر بما أعطاه الله من الفصاحة فقال:"أنا أفصح من نطق بالضاد".
وحسب العالم- والعالم بالعربية خاصة- من العيب أن يُدعى في الحفل الجامع أو الخطب النازل فلا يستطيع أن يقول:
كفي بالمرء عيبًا أن تراه *** له وجه وليس له لسان